التقارير

أردوغان بين ’أكذوبة’ الإصلاح وتخبط التسوية الشاملة مع الأكراد

1769 07:07:49 2014-10-23

محمد كسرواني

بعد 3 أشهر تقريباً من استلام الرئيس التركي الجديد رجب طيب أردوغان زمام الحكم، يبدو أنه عازم على بدء ولايته بنكث للوعود التي قدمها يوم انتخابه، ومصرٌّ على تمكين حزبه "العدالة والتنمية" في الحكم. فيوم فوزه بنسبة 52% من أصوات الناخبين في الدورة الاولى من الاقتراع في العاشر من آب/اغسطس الماضي، قدم أردوغان سلسلة من الوعود، أوهمت الأتراك أنه سيقود البلاد الى مرحلة جديدة تقتضي تحسيناً للوضع المتردي في الداخل وترطيب العلاقات الدبلوماسية مع الخارج.

"اكذوبة" الإصلاح!

إدعاءات كثيرة كررها أردوغان يوم انتخابه منها أنه لن يكون شريكاً بالفساد الذي اضطلع به اسلافه، قائلاً "سأستخدم كافة الصلاحيات التي يمنحني اياها الدستور" للإصلاح العام والقضاء على المفسدين". إلا أنه وبعد 3 اشهر فقط على انتخابه، كشف الإعلام التركي أن النيابة العامة في إسطنبول أسقطت قضية الفساد المعروفة باسم "عملية 17 ديسمبر"، عن 53 شخصاً من دائرة المقربين للرئيس بينهم رجل الأعمال رضا صراف ونجل وزير الداخلية السابق باريش غولر، ونجل وزير الاقتصاد السابق صالح قآن، وموظفون حكوميون ورجال أعمال بارزون.

القضية التي شكلت حينها أحد أكبر الفضائح وأدت إلى استقالة ثلاثة وزراء خلال ترؤس أردوغان الحكومة، قال الإدعاء إن سبب إغلاقها عدم وجود دليل على ارتكاب الجريمة. مراقبون للشأن التركي، أكدوا أن أردوغان ومنذ توليه الحكم أراد طمس قضية الفساد هذه، فالرئيس لا يرغب بأن يعطي معارضيه اي ورقة تؤكد تورطه بسرقة البلاد. ويشير المراقبون الى أن "أزلام الرئيس" اليوم، أخرجوا أنفسهم من الفضيحة واستطاعوا العودة الى الشارع "بصيغة المنتصر" - بعد سقوط الدعوى - باتهامهم المعارض فتح الله غولن بأنه هو من سوّق لتوريطهم.

التسوية الشاملة مع الأكراد

ليلة فوزه في العاشر من آب/اغسطس اكد أردوغان عزمه على تحريك مفاوضات التسوية مع المعارضة الكردية الداخلية وحزب العمال الكردستاني، المتوقفة منذ حوالي عام. وكان رئيس الحزب الكردستاني يومها عبد الله اوجلان، المحكوم بالمؤبد في سجون النظام التركي، مستعد لسلوك هذا الطريق، معتبراً ان النزاع الذي اوقع اكثر من 40 الف قتيل منذ 1984 "شارف على نهايته".

إلا أن حقيقة مساعي الرئيس في تسوية الأزمة مع الأكراد، كشفت النقاب عنها التطورات الأخيرة على الحدود التركية ـ السورية وبدء العملية الإرهابية لـ "داعش" لاحتلال بلدة عين العرب (كوباني) السورية. فتحت ذريعة "حمايتهم من العودة الى موت"، صفّ أردوغان سلاح المدفعية والدبابات على الحدود مانعاً المقاتلين الأكراد السوريين من العودة الى بلادهم والدفاع عن أرضهم واهلهم.

وإن كان قمع تظاهرات الأكراد السلمية بالقوة وتفريق المتظاهرين بقنابل الغاز والرصاص المطاطي والحي ذريعةً اتخذها الرئيس التركي للدفاع عن أمن بلاده، إلا أنها وترت وبلبلت الإتفاق بين الطرفين، حيث يرى المتابعون للشأن التركي أن أردوغان أعاد الحكومة الى مرحلة الصفر من التفاوض، معتبرين أن منع العسكر التركي المقاتلين الأكراد من الدفاع عن اراضيهم جاء بالواقع دفاعاً عن تنظيم "داعش" الإرهابي" خصوصاً بعد الإنجازات العسكرية التي يحقق حزب العمال أمام " داعش" اليوم، وانطلاقاً من تخوف السلطة التركية أن تحمّل "داعش" أردوغان وحكومته مسؤولية مقتل عناصرها في عين العرب، وتتخذ من ذلك ذريعةً لتنفيذ مخططات إرهابية في تركيا.

وبحسب المراقبين، فإن الأكراد توصلوا الى قناعة مفادها أن الرئيس التركي تعهد لـ "داعش" بحمايتهم بمنعه الأكراد من العودة الى سوريا، مقابل بقاء الاتفاقيات السرية بينهما، كصفقات النفط والعتاد العسكري. واستغرب المراقبون تصريح الرئيس التركي الأخير القاضي برفض الدعوات الموجهة إلى بلاده لتسليح الأكراد لمواجهة "داعش"، واصفاً إياهم بـ " منظمات إرهابية".

النأي بالنفس عمّا يحصل في سوريا والعراق

أردوغان المستعد دوماً للقيام بأي شيء لتسريع اسقاط الحكومة السورية والرئيس بشار الاسد، تورط خلال رئاسته الحكومة، بدعم وتسليح - وإن نفى ذلك على الدوام - الجماعات التكفيرية في سوريا وعلى رأسها "داعش". وقد جاء تصريح نائب الرئيس الأميركي في خطاب ألقاه في جامعة هارفارد بشأن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، خير دليل على ذلك وتوثيقاً مؤكداً لأفعال الحكومة التركية.

وقال بايدن يومها إن "مشكلتنا الكبرى كانت حلفاءنا في المنطقة، الأتراك أصدقاء كبار لنا وكذلك السعودية والإمارات وغيرها، لكن همهم الوحيد كان إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لذلك شنوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة وقدموا مئات الملايين من الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من الأسلحة إلى كل من يقبل مقاتلة الأسد".

وعلى أثر الوعود الأخرى، كان أردوغان قدم يوم انتخابه تعهدات بإبقاء تركيا بعيدةً عن نيران الأزمة السورية والعراقية، خصوصاً بعد توسع نفوذ "داعش" وقربه من حدوده. إلا أن تقارير استخباراتية كشفت مؤخراً أن تركيا خلال حكم أردوغان، متورطة في نقل أموال عبر حسابات وهمية من دول خليجية وغربية الى مصارفها الى أيدي الإرهابيين في سوريا. كما لفتت التقارير الى أن الحكومة التركية، تشتري النفط السوري والعراقي من "داعش" بأسعار زهيدة، وتفتح الأسواق امام الإرهابيين للدخول الى أراضيها وشراء كل المستلزمات اللوجستية للمعارك.

وبناءً على ذلك يخلص المراقبون الى أن أردوغان زاد "منسوب" تورطه في القتال الدائر في سوريا ودعمه للجماعات التكفيرية وهو في سدة الرئاسة أكثر مما كان عليه يوم رئاسته الحكومة. ويعتبر المراقبون أن انغماس أردوغان في هذه " الزوبعة" سيغرقه أكثر فأكثر، ولن يستطع أن يترك لنفسه "خطاً للرجعة"، واصفين الوضع بأن "الرقاب في اسطنبول باتت تحت سكاكين داعش، وتقدم كل ما عندها تأخيراً لوقت الذبح لا تهرباً منه".

التباطؤ الاقتصادي

بعيداً عن السياسة، قد يكون التباطؤ الاقتصادي نقطة الضعف القاتلة والفاضحة ايضاً للرئيس التركي. فبعد ارتفاع النمو بنسبة 8% في عامي 2010 و2011 بدأ النمو في تركيا يسجل تباطؤاً جدياً يهدد تقدم البلاد، علماً أن فكرة الإصلاح الاقتصادي كانت الحجة الرئيسية في حملة أردوغان الانتخابية.

وبعد 3 أشهر من بدء ولاية أردوغان، يبدو أن الرئيس تخلى أيضاً عن وعوده حول هذا الشأن. إذ يعاني الاقتصاد التركي حالياً من عجز ضخم في الاموال العامة وتضخم كبير يقلق المستثمرين الاجانب.

يضاف الى ذلك الضغوط التي يمارسها أردوغان على البنك المركزي التركي لخفض معدلات الفائدة ما يزيد من قلق الأسواق. ويرى المراقبون أن أردوغان يحاول أن يخفف من حدة المسألة بفتحه أسواقاً جديدةً على الجماعات الإرهابية على الحدود، وبشرائه النفط الخام بأسعار رخيصة، ما يخفف الكلف الإنتاجية على السلع المحلية.

6/5/141023

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك