التقارير

الدفاع تطالب جرحاها بالالتحاق الى وحداتهم رغم بلاغة إصاباتهم وذوو الجرحى يشكون من "الإهمال" والتهديد بقطع الراتب

1853 18:08:09 2014-06-07

لم يتمكن أبو مرتضى (63 سنة) من أهالي الديوانية، من حبس دموع عينيه، حين تذكر طفولة ابنه، ولعبه مع أخوته وأبناء الجيران وعشقه لتمثيل دور الجندي دائما ليقاتل الأعداء ويدافع عن قطعة أرضهم الزراعية، في ناحية السدير (10 كم جنوب مركز مدينة الديوانية)، اذ ان الدموع انهمرت رغما عنه وهو يراه راقدا لا يقوى على تحريك جسده او الكلام، لكثرة الإصابات التي تعرض لها بعد ان انفجرت عبوة ناسفة بسيارته، وقتلت زملاءه وتركته يعاني الم الذكريات والجراح، فيما يؤكد أن وحدة أبنه العسكرية تطالبه "إما بالالتحاق أو عدّه هارباً".

ويقول أبو مرتضى، محمود كامل محمود، في حديث الى (المدى برس)، إن "مرتضى أب لخمسة أطفال وأخ الى أربعة، تطوع قبل ستة أعوام ليحقق حلم طفولته في ان يدافع عن بلده، ويرفع بنا رأسه"، مشيرا  إلى أن "مرتضى أصيب في الثامن من أيار الماضي، بعد ان انفجرت عبوة ناسفة بسيارته التي تحمل أعتدة لإنقاذ السرايا اثناء معاركها مع الإرهاب في منطقة جرف الصخر".

ويضيف محمود أن "ولده مصاب بكسرين مركبين في ساقه الشمال، وكسر مركب في ذراعه اليمين، وتهشم فكه الأسفل، ناهيك عن الشظايا التي ملأت جسده"، معربا عن  أسفه "لعدم وصول أحد مسؤولي وحدته أو ممثل او مندوب لوزارة الدفاع لزيارته أو الاطمئنان عليه، ومعرفة حاله بعد أن ضحّى بحياته من أجل الوطن".

ويطالب والد الجندي "القائد العام للقوات المسلحة، ووزير الدفاع وآمر وحدته بإيجاد حل لعلاج ولده خارج القطر، بدلا من رميه في مستشفى الديوانية التعليمي، من دون  اية متابعة إلا من الأطباء والممرضين الذين لم يتركوا سبيلا إلا واتخذوه من اجل علاج الجرحى في الردهة، لكن الإمكانيات متواضعة"، متسائلا عن "أسباب إهمال المسؤولين في الوزارة والوحدة لولدهم الذي لم يصب في منزله بمشاجرة، بل أثناء آدائه واجبه في جبهات القتال، حيث دماء أبنائنا  تكون تضحية من أجل أن يبقى فلان وفلان بمناصبهم في الحكومة".

وبشير أبو مرتضى إلى ان "جراح ولدي وإخوته في القوات المسلحة واستشهادهم وتضحياتهم بأنفسهم، لم تشفع لهم بعد أن ورد أخوه مكالمة من وحدته تطالب بالتحاق مرتضى فورا وإلا فإنهم سيقطعون مرتبه ويعدونه هاربا من الخدمة، على الرغم من أنه شبه جثة هامدة تعاني الألم والوجع طيلة الوقت من أثر الإصابة".

وليس بعيدا عنه يقول الجندي أحمد غالي غاوي، الذي يرقد بسرير مجاور بردهة الكسور بمستشفى الديوانية التعليمي، في حديث الى (المدى برس)، "أنني أصبت بإطلاقة قناص، في معارك الملاحمة بمدينة الرمادي، بعد أن دخل الفوج الثالث التابع الى اللواء (40) في الفرقة العاشرة الى المدينة، في (25 أيار الماضي)"، موضحا أن "الرصاصة سببت لي كسرين في الكتف، ونزفا داخليا أتعبني للغاية".

ويلفت غاوي إلى أن "وحدته لم تفعل شيئا له سوى تقديم الإسعافات الأولية ونقله الى المستشفى فاقدا للوعي، ولم يسأل عنه أي من أفراد وحدته، ورمينا هنا كما يرمى العجزة او اللقطاء"، مشيرا إلى أن "المشكلة تكمن في منح وحداته إجازة مرضية له مدة 20 يوماً فقط، وتطالبني بالالتحاق الى الرمادي، وأنا لا استطيع التنفس فكيف لي بالالتحاق او تحمل أعباء الطريق والسفر".

ويوضح غاوي أنه "متطوع منذ عام 2007، وشارك في الكثير من المعارك ضد القاعدة وقوى الإرهاب"، وأعرب عن "خيبة أمله، بعدم إرسال وزارة الدفاع مبعوثاً منها للاطمئنان على الجرحى والسؤال عنهم وتفقد حاجاتهم، وللأسف أن يرمى الجندي كما ترمى الفضلات بعد الانتهاء منها في مكب".

ويتابع أن "الجندي في زمن النظام السابق حين يستشهد تكافأ أسرته وتميّز بالكثير من الامتيازات والمكارم، أما من كان يجرح فتتبنى الحكومة علاجه ويحترم ويقدر ويعوض، واليوم نحن لا نريد مكافأة او هبة من أحد، بل نريد إجازة مرضية حتى تشفى جراحنا لا أن يتم استدعاؤنا الى الالتحاق للقتال بهذه الوضعية".

وبجواره يرقد الجندي، كاظم كاطع، من أهالي محافظة المثنى، (يبعد مركزها 270 كم جنوب بغداد)، بالكاد يجر أنفاسه ويقول في حديث الى (المدى برس)، أن "القوة التي كنت معها، تعرضت الى إطلاق نار كثيف في منطقة الراشدية، من قبل مجموعة إرهابية، فأصبت بطلقات عدة سببت لي كسورا مركبة في يدي اليمنى وتهشما بيدي اليسرى"، مبينا أن "الحادث وقع قبل 20 يوما، وللأسف لم يصلني أحد من مسؤولي وحدتي، على الرغم من أن انتسابي الى الوحدة كان قبل ست سنوات".

وأعرب كاطع استغرابه من "مطالبة وحدته بالتحاقه فورا، وحالته الصحية لا تسمح له حتى بالكلام فكيف بي الانتقال وركوب السيارات والوصول الى وحدتي بهذا الحال"، ويوضح أن "العلاج وشراء الأدوية أثقلني كثيرا، ولا أعرف كيف سأدبر إيجار بيتي ومصرف ولديّ حسين وآيات وأمهما، أو من سيتكفل بمعيشتهم، لاعتماد عائلتي على مرتبي بالكامل وليس لنا مورد معيشة آخر يمكن أن يؤمن لي ولهم احتياجاتهم فيما لو قطع راتبي ان لم التحق الى وحدتي خلال يومين".

فيما يرى شقيقه طالب كاطع، في حديث الى (المدى برس)، أن "رمي حماة الوطن ودرعه الذين استتر بهم رئيس الوزراء وغيره، أمام باب مستشفى الكندي من الساعة الثانية عشرة ليلاً حتى الثانية عشرة ظهراً، من دون علاج، الأمر الذي اضطرنا الى نقله الى مستشفى الرحمة الأهلي، يبعث إشارة خطيرة ليس لأخي فقط بل الى من يراه من أخوته الجنود وما ينتظرهم من مصير".

ويتابع أن "العملية التي أجريت له في مستشفى الرحمة، كلفتنا ثلاثة ملايين دينار، نقلناه بعدها الى مستشفى الديوانية التعليمي هربا من المصاريف وغلاء الأدوية"، ويتساءل "ماذا لو كان أخي ابنا لرئيس الوزراء أو أحد المسؤولين أكان ملقياً هكذا؟"، داعيا "رئيس الوزراء إلى الانتباه إلى أبنائه إن كان راعيا لهم، خاصة وأننا لا نمتلك القدرة على تكفل نفقات العلاج والسفر وغيرها حتى يشفى أخي".

من جانبه يقول رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة الديوانية، باسم الكرعاوي، في حديث الى (المدى برس)، إن "لجنتنا رصدت وصول نحو ثلاثين جريحا من أبناء قواتنا المسلحة، الى مستشفى الديوانية التعليمي، أصيبوا جراء المعارك الدائرة غربي البلاد والمدن الساخنة، حالة أغلبهم خطرة"، مشيرا إلى "مطالبة ذوي الجرحى للجنتنا بالتدخل لنقل معاناتهم في طلب وحداتهم بالتحاقهم خلال موعد أقصاه عشرون يوما، وهم في حالة صحية حرجة، وعرضها أمام رئاسة الوزراء والقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع".

ولفت الكرعاوي إلى ان "أغلب الإصابات بليغة والجروح خطيرة تحتاج الى إجراء عمليات جراحية عدة تتطلب أشهر للشفاء، لكن تهديد الوحدات بقطع رواتبهم جعلهم بين مطرقة الألم وسندان قطع الراتب الذي يعيلون به أسرهم"، مطالبا "القيادة العامة للقوات المسلحة ورئاسة الوزراء ووزارتي الدفاع والداخلية، بتعويض الجرحى والتكفل بعلاجهم، بدلا عن التلويح بقطع مرتباتهم، ليكون حافزا لزملائهم يسهم في رفع معنوياتهم في التصدي لقوى الإرهاب".

ودعا رئيس لجنة الصحة "وزارة الدفاع الى تعميم كتابها على المؤسسات الصحية لنقل جميع الجرحى الى الطوابق الخاصة، لا أن يقتصر التعميم على جرحى العمليات العسكرية الدائرة في الانبار فقط واستثناء الآخرين منها إذا ما سقطوا في أماكن أخرى، على الرغم من أنهم تابعون الى وزارة واحدة".

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك