التقارير

هذا ما قالوه له في طهران: اذهب و صافح الأسد !

1623 07:33:00 2014-01-31

نبيه البرجي

يسأل جنكيز تشاندار «لماذا يثق الاميركيون بحسن روحاني اكثر مما يثقون برجب طيب اردوغان»؟.

استاذ التاريخ الاميركي جيمس بلاكستون يقول « للوهلة الاولى، تشعر ان اردوغان يستضيف في داخله جثة احد السلاطين.

للوهلة الثانية ترى فيه الديكتاتور الذي يتعثر بظله»، ليضيف انهم في البيت الابيض يدركون كم انه يمقت باراك اوباما لانه لم يفرش امامه السجادة الحمراء للوصول على حصانه، وهو المريض بالتاريخ، الى دمشق.

يعرفون في واشنطن ايضا انه استدعى الدرع الصاروخية الى بلاده لتكريسه المفوض السامي الاميركي في المنطقة.

ارتكب خطأ فادحاً عندما حاول ان يمشي على خط مزدوج ويظهر بمظهر من سيكون قائد الحملة ضد اسرائيل ، مع انه فعل كل هذا ليس لخلفيات ايديولوجية وانما لخلفيات استراتيجية، وهو الذي سعى، عبر قنوات معينة، الى تجاوز ذلك الخطأ بمحاولة التوافق مع بنيامين نتنياهو لاقامة نوع من الكوندومينيوم الخفي الذي يتحكم بخريطة المنطقة من البحر الاحمر وحتى بحر قزوين…

بالدرجة الاولى، الاسرائيليون توجسوا من طموحاته العثمانية، ورفضوا النيو عثمانية التي ابتدعها وزير خارجيته احمد داود اوغلو، فيما راح يراهن، وبلهجة الصدر الاعظم، على زوال النظام في سوريا, كان يتوقع ذلك بالايام ثم بالساعات ثم بالثواني… ولا ريب ان ثلاث سنوات كافية لكي يكتشف انه لم يعد من مكان للخيول العثمانية في المنطقة، بقي الصدر الاعظم وراح يتعامل مع مصر، بعراقتها الهائلة، كما لو انها احدى الدول التي اخترعها الخيال الانكليزي او الخيال الفرنسي..

تشاندار نفسه يعلّق ساخراً بعد كل ذلك الدوران حول المريخ ها ان القمر التركي يستقر في طهران».

عندما زارها في وقت سابق كانت لهجته مختلفة.. على الايرانيين الذين يحتسبون اي خطوة بمنتهى الدقة، ان يدركوا ان رجلهم في دمشق» قد انتهى، وان عليهم ان يستدركوا دون ان يسمح لهم بالالتحاق بالمحور الآخر، بأن يعلنوا انهم اخطأوا وما عليهم سوى الاستسلام، او البحث عن زاوية لهم تحت عباءة اردوغان.

الآن، تغيّر المشهد كلياً.. الاميركيون الذين طالما اعتمدوا عليه لاجتثاث النظام في سوريا، وكانت تقديراته مضحكة فعلا، ومزرية فعلا، يتهمونه الآن بأنه ضللهم وبأنه كان يعمل لحسابه الخاص، وبالتنسيق مع جهات معينة، من خلال تقديم الخدمات اللوجيستية والعملانية لتنظيم «الدولة الاسلامية في العراق و الشام»(داعش)،و لـ«جبهة النصرة» التي تعكس بصورة مباشرة استراتيجية ايمن الظواهري في اقامة دولة الخلافة في دمشق بعدما فقد السيطرة على الكثير من خيوط التنظيم الذي بات ثابتا ألا قيادة مركزية له و انه يتناسل فوضوياً في سائر الاقطار العربية.

وحين كان اردوغان يلتقي آية الله علي خامينيئي، كان ثمة خبر صحافي حول اغارة القاذفات التركية على مواقع لـ«داعش». الرسالة كانت واضحة، كذلك الانكفاء الذي لا يتوقع احد ان يكون سريعا و صاخبا، لا بل ان الزائر التركي قال كلاما حول الدور الايراني فاجأ حتى خامينيئي الذي اوحى كلامه بأن انقلابا قد حدث في العلاقات بين طهران وانقرة لا بد ان ينعكس على المشهد السوري، ولكن بايقاع تدريجي بعدما بدا ان اردوغان غرق داخليا وغرق خارجيا ايضا..

بطبيعة الحال، هناك من سأل ما اذا كان الرجل، وبكل تلك « الوداعة» التي ابداها في طهران يبغي السعي لاقامة حلف تركي-ايراني في وجه الحلف المصري-السعودي. الايرانيون اكثر حنكة واكثر حصافة من ان يكون هذا هدفهم، فالرئيس روحاني مد يده الى السعوديين الذين مازالوا يصرون على ان اي تحوّل في العلاقات ينبغي ان يمر في سوريا و ربما في العراق و في اليمن. ان لم يكن في لبنان ايضا..

ثمة ملفات كثيرة وشائكة. لكن اي تفاهم بين طهران و انقرة لا بد ان تكون له تداعياته السورية و الاقليمية. قيل ان السياسة التركية التي حققت اخفاقات «فذة» على كل المستويات التقطت تلك اللحظة التي تتجه فيها العلاقات الاميركية-الايرانية ربما الى توافق متعدد الابعاد وبعيد المدى…

لا داعي لاستعادة ما حدث منذ اللحظة التي اندلعت فيها الازمة في سوريا، اذ ان اردوغان لم يلتفت البتة الى الاشارات الروسية التي كانت شفافة للغاية، و لم تكن تعنيه ايران في حال من الاحوال لا بل انه طلب من واشنطن ان تقيم انشاءات الدرع الصاروخية في بلاده امتداداً للمواجهة الاميركية، وحتى الاسرائيلية، معها.

الرجل تدخل في كل جوانب الازمة ودفع اصبعه في وجه صديقه(او شقيقه) السابق بشار الاسد، و حدد مواعيد للرحيل تحت طائلة القصاص والاقتصاص، فيما كان يعد جيشه لساعة الانطلاق باتجاه دمشق، مقتفياً اثر السلطان سليم الاول، وكان يفترض به ان يدرك ماذا تعني سوريا بالنسبة الى الصراع الدولي كما الى الصراع الاقليمي، ويحول دون شلالات الدم التي لا تزال على تدفقها حتى الآن.

خامينيئي تحدث عن علاقات لم تشهدها قرون سابقة. لعله القى نظرة على كل ذلك التاريخ المثقل بالآلام و بالصراعات التي بدأت مع مطلع القرن السادس عشر حيث كانت الامبراطورية الصفوية وجهاً لوجه مع السلطنة العثمانية. حتما كان ينظر الى قرون في الماضي ،وهو ينظر الى قرون في المستقبل، فعندما تأخذ العلاقات بين البلدين منحى خلاقا لا بد ان تكون لذلك مفاعيله المدوية في المنطقة، وان كانت هناك جهات عربية قد باشرت الحملة على اردوغان بمجرد ان وطأت قدماه ارض طهران.

الرجل تراقص كثيرا، حينا بثياب السلطان،و حينا بثياب الديكتاتور الذي يستعمل المصطلحات نفسها الشائعة في الادبيات العربية البائسة. قيل له في طهران، وهذه معلومات مؤكدة، «كفاك انتحاراً… اذهب الى دمشق. صافح بشار الاسد، وابحثا في الحل. هو يعطيك رأيه في الحل في تركيا و انت تعطيه رأيك في الحل في سوريا».

اردوغان قال في طهران «خلال هذه الساعات تعلمت الكثير هنا».ولكن هل من الممكن ان يتقيأ جثة السلطان الذي في داخله؟

9/5/140131

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك