التقارير

السقف الدولي لا يلغي الصراع

1175 07:06:00 2013-09-17

 

سليمان تقي الدين

    الاتفاق الأميركي الروسي على مقايضة الضربة العسكرية بنزع السلاح الكيماوي الذي سلك طريقه الجدي لا يؤدي بالضرورة إلى نجاح «جنيف 2» لحل سياسي شامل. حصل الأميركي على أولويته والروسي كذلك.

 

    لكن الحل السياسي الشامل دونه عقبات على مستوى الداخل السوري وعلى مستوى القوى الخارجية الفاعلة في الأزمة. ربما نكون فعلاً أمام استبعاد كامل للتدخل العسكري الخارجي إلا في ظل شرعية الأمم المتحدة، وهذا ما يطالب به الروس وأكثرية المجتمع الدولي، لكن الحرب التي استمرت لمدة سنتين ونصف سنة بواسطة القوى المحلية ومساعدة القوى الإقليمية قد تستمر لسنوات طويلة. تتغيّر أشكال الحرب ووسائلها برغم السقف الدولي وضوابطه كما يحصل في العراق أو اليمن أو ليبيا، وكما حصل في لبنان خلال الحرب الأهلية. لم تبدأ الأزمة السورية حول السلاح الكيماوي ولن تنتهي به. فلا زال الحديث الأميركي الروسي عن الحل السياسي في سوريا غامضاً وخجولاً برغم التوافق في «جنيف 1» على عناوين ومبادئ عامة. فمن المؤكد أن الحل السياسي لا يعني الشيء نفسه للأطراف جميعاً. ولن يكون «جنيف 2» أفضل حالاً مع تعقيدات الأزمة وتورط الكثير من الأطراف ورهن مواقعهم وأدوارهم على نتائج هذه الأزمة. فلقد صارت الكثير من النزاعات تجد التعبير عنها في «الساحة السورية» و«الصراع على سوريا». صحيح ان الاستنزاف والإنهاك طاولا المتدخلين سياسياً ومادياً ولا سيما إيران وتركيا والخليج العربي، غير ان نزعة الصمود حتى «ربع الساعة الأخير» يظل يحفزها على التدخل. كما ان طبيعة النزاع الداخلي ظهّرت مسألة الاثنيات والجماعات الطائفية وبات أي حل محكوماً بإعطاء ضمانات وتطمينات ومشاركة فعّالة ليست سهلة في مجتمع عاش عقوداً طويلة تحت وهم الدولة العلمانية المركزية مع تعطيل كامل لحياته السياسية.

    ففي لحظة الاتفاق الأميركي الروسي تراجع دور جميع الأطراف الآخرين ورحّبوا بتلافي الورطة. إلا أن أحداً لا يطمئن إلى صياغة النظام السياسي الجديد ولا توازنات النظام الإقليمي الذي تحدد ملامحه الأساسية نهاية الأزمة السورية. نستطيع ان نحدد المصالح الأميركية والروسية وهي تتقاطع على ما صار يعرف بـ «الإرهاب» والتطرف الديني، وضمان أمن إسرائيل، وحصر القوى الإقليمية في حدود لا تعطيها دور «الإمبريالية الفرعية» أو الهيمنة على مدى جيوسياسي واسع، وكذلك اقتسام النفوذ في بعض المصالح الأخرى كالنفط والغاز والأسواق. لكن ما لا نعرفه هو مصير هذه الدول الإقليمية الفاعلة وكيف تتعامل مع وضع دولي جديد حيث لا تريد الولايات المتحدة خوض الحروب المباشرة، وليس في أولوياتها النفوذ الأمني بل ترميم وضعها الاقتصادي. بينما يحاول الروس استعادة نفوذ سياسي افتقدوه، في مواجهات سياسية لا يسندها اقتصاد حيوي وناشط إلا في ميدان السلاح.

    كيف ستخرج المنطقة من تناقضات متعددة ومتشعّبة أمر يفيض عن صيغة اقتسام النفوذ الدولي كما كان يتم في عصر الاستعمار القديم.

    أثبت الرئيس الأميركي انه لا يريد التورط في حرب جديدة تاركاً خيبة في العديد من الدول والأوساط المراهنة على القوة المباشرة الأميركية. لكن الكثير من النزاعات لن تتوقف والضغوط الاقتصادية و«العقوبات» تظل فاعلة لارهاق الدول المنخرطة فيها. ومن دون مبالغة يضغط عدم الاستقرار السياسي والأمني على الدول والمجتمعات ليفرض في نهاية المطاف سياسات عقلانية وخيارات ذات أولويات تنموية وليس خيارات حربية. وفي المنطقة الآن أكثر من دليل على فشل المشاريع الأديولوجية والحركات المتطلعة إلى التوسع السياسي في ظل أفكار عقائدية غير مرتكزة إلى مجتمعات مستقرة وفيها انقسامات أو ضعف اندماج وانخفاض في مستويات المعيشة. بل إن الثورات العربية تؤكد مصداقيتها وشرعيتها في ما كانت تطمح إليه على هذا الصعيد.

    أصبحت الصراعات الإقليمية مصدراً إضافياً لهدر ثرواتها وفقدان استقلالها وسيادتها واستقرارها وتقدمها الاجتماعي. ولقد تأكد ان الاستبداد والتبعية والرضوخ لاملاءات الخارج عملية مترابطة. كما أن التعسّف والتفريط بثروات الشعوب وإدارتها هو الوجه الآخر من سلبها كرامتها الوطنية.

المصدر: جريدة السفير

3/5/13917

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك