التقارير

إسرائيل ترقب انهيار الاقتصادات العربية بفرح !

1537 06:46:00 2013-08-26

 

تنظر إسرائيل حولها ولا تكاد تصدق نفسها. فالمفاجأة الكبرى في سقوط أنظمة مثل نظام الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك ونسائم «الربيع العربي» أشعرتها بخطر جسيم. ودفع هذا الشعور الكثير من صناع الرأي والساسة في إسرائيل للحديث عن وجوب التكيف مع الواقع الجديد واستباقه بتقديم «تنازلات» لحل المسألة الفلسطينية قبل أن يفوت الأوان. ويمكن القول ان اليمين الإسرائيلي لم يكن يجد ما يرد به على هذا الحديث سوى التزام الصمت أو ترداد العبارة التقليدية بأن «العرب لن يتغيروا» وأنهم سيوفرون لإسرائيل الفرصة لأن لا تقلق.

وما ان انتقل «الربيع العربي» من دائرة التطلع إلى المستقبل والسعي نحو مستقبل أفضل إلى دائرة تصفية الحسابات بانعدام الاتفاق حول رؤية وطريق للتغيير وانخرط البعض في حروب أهلية صريحة أو مستترة حتى عادت الحمرة إلى الوجنتين الإسرائيليتين. فـ«العرب هم العرب»، وهو ما ردده بنيامين نتنياهو أمام زواره الأجانب وما شهد به قادة الاستخبارات الإسرائيلية أمام نظرائهم في الغرب خصوصا. وفي رأيهم فإن ما يجري في المنطقة العربية ليس «ربيعا» ديموقراطيا وإنما هو «خريف إسلامي». والحق أن التيار المركزي في الحركة الإسلامية العربية، وهو الإخوان المسلمون، وفر العديد من المبررات لتأكيد الزعم الإسرائيلي.

ومع ذلك فإن ما يجري في المنطقة العربية لم يعد فقط نوعا من الاختلاف في الرؤى لا بين أنظمة ومعارضين ولا حتى بين المعارضين أنفسهم. لقد غدا واقعا أقل ما يقال فيه انه عملية انتحار جماعي يسيطر عليها افتقار شديد للحكمة وانعدام تام للأهداف المشتركة والأهم غياب مطلق لتقدير المصلحة الوطنية أو القومية متفق عليها. وهكذا بعد أن كان النزاع وجها لتعاطي أمة مع عدوها انتقل لاختلاف الأمة في ما بينها حين ولتصارع داخل كل واحد من شعوبها أحيانا. وبديهي أن الخاسر كان الجميع من دون استثناء.

صحيح أن من يستمع لوسائل الإعلام العربية يضجر من الأحاديث عن الإنجازات التي ينسبها كل من أطراف الصراع إلى نفسه موحيا أن ساعة الحسم وبالتالي النصر لمصلحته قد حانت، وصحيح أن الحديث عن اقتراب ساعة النصر يغدو أطول كلما مرت السنوات على اقتراب تلك الساعة، غير أن الصحيح أكثر أن النصر، كما يبدو، وإذا تحقق، ليس سوى شكل من أشكال الهزيمة. ففي أفضل الأحوال سيجلس المنتصر على أطلال بلد إن لم يكن مثخنا بجراح لن تجعل عمره طويلا.

وما يزيد الطين بلة، أن كل محاولات الحديث عن تسويات بين الأفرقاء العرب داخل كل دولة عربية على حدة وبين الدول العربية صارت تصطدم برفض يكاد يكون تخوينيا وأكثر. وغدا الحديث عن تسوية بين المتصارعين أشد بلاء من الحديث عن تسوية بين ألد الأعداء. ومن الجائز أن مصر، التي هي في نظر كل عربي عاقل قاطرة هذه الأمة نحو العلا أو الهاوية، هي النموذج الأشد إثارة للألم. إذ كان معهودا أن الخلافات الجوهرية تبقى على مستوى النخبة الحاكمة أو المعارضة من دون أن تنزل إلى الشارع أو القواعد. ولكن الخلافات هذه باتت اليوم تقسم بشكل عمودي المجتمع المصري في استقطاب شعبي خطير. وهي تحتاج إلى وقفة جدية من أهل الخبرة والرأي السديد، وما أكثرهم في مصر، لوقف هذا المنحى والعودة إلى طريق الصواب الذي فيه مصلحة مصر وخير العرب أجمعين.

ومن المؤكد أن إخراج مصر من دائرة المنازعات الداخلية وإعادتها إلى دائرة البناء والتقدم والعدل كفيلان بدفع كل المنطقة العربية نحو الدائرة الثانية بدلا من استمرار الانتحار في الدائرة الأولى. ولا أحد غير أبناء مصر يقدر على إخراج مصر من عثرتها الراهنة مثلما لا أحد غير مصر يستطيع إخراج العرب من عثرتهم الحالية.

وأيا يكن الحال، فإن أزمة المجتمعات العربية لم تظهر فقط أثناء أحداث «الربيع العربي» بل كانت بادية للعيان قبل انفجار الوضع بعقد من الزمان على الأقل. وقد أشار تقرير التنمية العربية إلى كل هذه المعضلات وحذر من نتائجها قبل أزمتنا الراهنة بكثير. واليوم يبدو أن ما حدث زاد الأمور تعقيدا بالمعنى الإجمالي والنسبي على حد سواء. ومن الجائز أن القراءة الاقتصادية الحالية المعروضة هنا والتي تبين واقع الدول العربية المحيطة بإسرائيل تحديدا تنبئ بالمزيد من المخاطر لكنها على الأقل ترسم صورة الوضع الراهن.

والقراءة الاقتصادية الإسرائيلية هذه لم توضع لتحذير العرب مما يعيشون وإنما لمطالبة الحكومة الإسرائيلية باستغلال الوضع الراهن لتقليص النفقات العسكرية بقصد إنعاش الاقتصاد بشكل أكبر. وفي إسرائيل أكثر من أي دولة أخرى في العالم بعد الولايات المتحدة يتردد شعار حملة بيل كلينتون الانتخابية ضد جورج بوش الأب: «إنه الاقتصاد يا غبي!». فقد خرج بوش الأب منتصرا من حرب الخليج ضد العراق ولكن التبعات الاقتصادية للحرب أخرجته من الحكم.

ومن المؤكد أيضا أن الأساليب الاقتصادية، إضافة لأساليب القمع السياسي، التي انتهجتها أنظمة الحكم العربية والتي أوصلت المجتمعات العربية إلى الدرك الأسفل وحرمتها من اللحاق بركب التقدم العالمي ليست هي الحل المطلوب للمجتمعات العربية راهنا. كما أن من أوصلوا الوضع نحو الأزمة ليسوا هم القادرون على إخراجنا منها. ولكن من المؤكد أن لا وجود لعصا سحرية تستطيع تغيير الوضع. والمؤكد أكثر أن كل ما نحتاج اليه اليوم هو وقف التدهور واللجوء إلى الحكمة باختيار تسويات وأساليب تدرجية تعيدنا جميعا إلى جادة الصواب حتى مع استمرار الاختلاف.

8/5/13826

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك