التقارير

إخوان تركيا وإخوان أميركا..!

1511 14:27:00 2013-08-23

نعرف أن هناك «إخوان مسلمين» في مصر وهؤلاء «الإخوان» لهم فروع في الدول العربية والإسلامية، وهم أولئك الذين ما فتئوا يتباكون على نهاية عصر «الإخوان» في مصر، ويكيلون التهم والشتائم للحكومة الجديدة ولكل من يقف ضد «الإخوان» أو يخالفهم.

ربما لا يخفى على أحد أن تنظيم «الإخوان» له وجود في الولايات المتحدة الأميركية، لكننا لم نتوقع أن يكون هناك «إخوان» في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما! فموقف أميركا تجاه الأحداث الأخيرة في مصر، وموقفها من قرار الشعب بعزل الرئيس مرسي وعدم وقوف الولايات المتحدة في صف الشعب، كما كانت دائماً منذ اليوم الأول لاندلاع ما يسمى «الربيع العربي»، ذلك الوقت أثار كثيراً من التساؤلات ووضع العديد من علامات الاستفهام والتعجب حوله، حتى أن رجل الشارع العادي بدأ يتساءل: ما هي مصلحة الدولة الكبرى بالعالم في أن تتخذ مثل هذا الموقف وتقرر الوقوف ضد إرادة الشعب؟

فما كان أغرب من موقف «الإخوان» واستماتتهم وتشبثهم بالحكم في مصر، هو موقف الإدارة الأميركية الذي ما يزال متأرجحاً - وإن مال قليلاً إلى ثورة 30 يونيو! والسؤال هو: لماذا تقدم الولايات المتحدة كل هذا الدعم لجماعة «الإخوان المسلمين» وكل ما فعلته الجماعة خلال حكمها في العام الماضي يتعارض مع أبسط قواعد الحكم الرشيد، فضلاً عن بعده التام عن قواعد الديمقراطية والتعددية التي يتبناها الفكر والمجتمع الأميركيان؟!

إن الموقف الأميركي يثير التساؤلات في الشارع العربي، والأكثر من ذلك أنه يضع الولايات المتحدة و«الإخوان المسلمين» في موقع الشك باحتمال وجود علاقة بين الطرفين، ومثل هذه العلاقة «غير المشروعة» غالباً ما تكون غير مقبولة من أتباع كلا الطرفين، فلا أتباع ومريدو جماعة «الإخوان المسلمين» يحبون أميركا أو يقبلون بها شريكاً، ولا الشعب الأميركي وكثير من قادة الرأي الأميركي يمكن أن يقبلوا بأن تضع الولايات المتحدة يدها بيد تنظيم مشبوه بالعنف، وحزب لا يؤمن بالديمقراطية إلا كوسيلة مؤقتة للوصول إلى الحكم، وبعد ذلك تكون الديمقراطية خلف ظهره، بل قد يتحول بعد فترة من الزمن وتعود هذه الجماعة كما كانت من قبل وتعتبر الديمقراطية «حراماً».

الولايات المتحدة لم تستطع أن تصف أحداث 30 يونيو بأنها انقلاب عسكري، وذلك نظراً للحشد الكبير للمواطنين في الشارع... أما أردوجان فإنه مصرّ على اعتبار ما حدث انقلاباً عسكرياً، متجاهلاً كل الملايين التي خرجت من الشعب المصري لإسقاط حكم «المرشد» في مصر - كما كان يردد المتظاهرون في ذلك اليوم- وتركيا تورط نفسها من جديد بالتدخل في الشؤون الداخلية لمصر، وهذا ما حذّرت منه الرئاسة المصرية، خصوصاً بعد التصريحات المتكررة ضد التغيير في مصر، وبعد قبولها استضافة اجتماعات للتنظيم العالمي لـ «الإخوان المسلمين» على أراضيها من أجل وضع الخطط الموجهة ضد مصر.

الإدارة الأميركية لم تدافع عن الأنظمة العربية التي سقطت خلال ما يسمى «الربيع العربي» مثلما تفعل مع الرئيس المعزول مرسي... أما الموقف التركي فيبدو صادماً بكل المعايير للشارع العربي والإسلامي، فعلى الرغم من أن الجميع يدرك خلفية «حزب العدالة والتنمية» الحاكم وأيديولوجية رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان، إلا أن أحداً لم يكن يتوقع أن تقف تركيا ضد إرادة الشعب المصري وفي صف الرئيس الإخواني المعزول، وذلك فقط لأنه يشاركهم في الأيديولوجيا! فمن اللافت أن تقف دولة كتركيا ضد إرادة أكبر شعب عربي بحجة «الشرعية»، والجميع يدرك أن شرعية الشعب فوق شرعية الصناديق. فلماذا هذا الرهان التركي على الفرس الخاسر؟ ولماذا هذه التضحية بعلاقة تركيا مع مصر والدول العربية؟!

المشهد اليوم بعد ثلاثة أسابيع تقريباً من عزل مرسي..

مصر تبدو أكثر قدرة على إعادة بناء نفسها وتجاوز المشكلات التي تواجهها... فالمصريون شكلوا حكومتهم الجديدة والوزراء أدوا اليمين الدستورية أمام رئيسهم المؤقت، وسيواصلون العمل من أجل بلدهم بطريقة توافقية وقانونية دون إقصاء أي طرف، و«الإخوان» مدعوون ليكونوا جزءاً من المستقبل.. لكن إلى الآن يبدو أن «الإخوان» غير قادرين على استيعاب الصدمة التي زلزلت كيانهم وأدت إلى حدوث شرخ كبير في تنظيمهم الداخلي والخارجي، فلم يعودوا قادرين على ترتيب أوراقهم من جديد... لذا فقد قرروا عزل أنفسهم واختاروا البقاء في الشارع حتى يعود رئيسهم المعزول!

من الواضح مما يحدث اليوم أن استمرار «الإخوان» على نهجهم الحالي ورفضهم رغبة الشعب، سيؤدي إلى انقسامات كبيرة ليس في مصر فقط وإنما في أغلب الدول العربية، وخصوصاً في تلك الدول التي بها نسبة من المتعاطفين مع «الإخوان» بشكل خاص ومع التيار الإسلامي بشكل عام... فما يقوم به «الإخوان» اليوم هو العمل على تقسيم المجتمعات بين إسلاميين مسلمين والذين هم يمثلونهم ومن يؤيدهم يكون معهم، وبين علمانيين يحاربون الدين والإسلام! وهذا تقسيم خطير، و لا أعتقد أن الولايات المتحدة ترغب بأن تكون طرفاً في مثل هذه المعادلة التي حتماً ستكون نتائجها كارثية. وهذا تصرف اليائس البائس الذي يرى أنه خسر كل شيء، وهذا ما يحتاج إلى وقفة حقيقية من المجتمعات لمواجهته.

25/5/13823

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
آخر الاضافات
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك