سوريا - لبنان - فلسطين

في لبنان.. لهذا لا يجب ان نستغرب التصرفات الاميركية!


العالم - قضية اليوم

قليلون من لا يعرفون الجملة الشهيرة المنتشرة في دول اميركا اللاتينية التي تقول "ان الولايات المتحدة أكثر الأماكن أمنا في العالم، لأنها الدولة الوحيدة التي لا يوجد فيها سفارة أميركية". ولان هذه الجملة واقعية بنسبة كبيرة وتعكس حقيقة واضحة، لا يجب ان نستغرب التصرفات والتدخلات الاميركية في الشأن اللبناني مثل تدخلاتها في كثير من الدول. 

في البداية لا بد من التذكير ان السفيرة الاميركية في بيروت "دوروثي شيا" ليست الاولى التي تثير جدلا وتظهر الوجه الحقيقي للدور لاميركي في لبنان. فقبلها كان "جيفري فيلتمان" الذي لعب الدول المحوري في اخذ المسار السياسي والامني في لبنان باتجاه يخدم مصالح واشنطن التي لا يمكن فصلها عن مصالح الكيان الاسرائيلي (فيلتمان تسلم مهامه سفيرا قبل عام من اغتيال رئيس الحكومة الاسبق رفيق الحريري وكان سفيرا حين شن الاحتلال الاسرائيلي عدوانه على لبنان عام 2006. كما كان سفيرا خلال احداث 7 ايار الفتنوية في بيروت، ناهيك عن كونه سفيرا سابقا في الكيان الاسرائيلي عام 2000)

السفيرة الحالية "شيا" لا تختلف بخلفياتها الوظيفية المشبوهة عن فيلتمان. فهي خدمت سابقا في كيان الاحتلال الاسرائيلي نائبا للقنصل العام الاميركي لدى الكيان الاسرائيلي لتستلم لاحقا منصب مديرة المكتب السياسي في السفارة الاميركية لدى كيان الاحتلال الاسرائيلي.

وللقارئ والمتابع ان يتخيل خلفية وولاءات سفيرة اتت من دهاليز السياسية الاسرائيلية لتمثل الولايات المتحدة في لبنان حيث الهاجس الاكبر والمصدر الاول لقلق وخوف الكيان الاسرائيلي اي حزب الله.

وللدخول في تفاصيل ما حصل في الايام الاخيرة من الافضل تناول الاحداث بشيء من التسلسل.

= التحرك الاميركي بدأ منذ اعلان تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب (والتي سميت في الاعلام الاميركي وبعض الاعلام العربي حكومة حزب الله) وهذه التسمية لها خلفيتها تمهيدا لان تكون مبررا للموقف الاميركي تجاه لبنان الذي بدأ يتضح اكثر مؤخرا.

= مع تزايد حدة الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان (والتي لا يمكن انكار وجود ادوار مشبوهة داخلية وخارجية فيها) جاء دور السفيرة شيا لتقوم بما كُلِفَت به.

= خرجت السفيرة الاميركية متهمة حزب الله بايصال الامور الى ما هي عليه علما ان الحكومة عمرها حوالي 7 اشهر فقط. ومن الغباء العلمي والفطري تحميل حكومة لم تكمل عامها الاول مسؤولية اوضاع معيشية واقتصادية عمرها اكثر من 28 عاما.

= كلام شيا اثار غضبا واسعا لدى فئة كبيرة جدا من اللبنانيين. وعكس ما يروجه البعض، هذا الغضب ليس نابعا من اصطفاف طائفي او مذهبي او سياسي. هو نابع اولا من حقيقة ان الشارع اللبناني يعيش حالة غليان نتيجة عدة عوامل متداخلة اهمها الغلاء المعيشي وانهيار سعر الليرة وغياب عدد من المواد الاولية الضرورية وغياب اي افق للحل السياسي والاقتصادي اضافة الى توتر امني ونشاط واضح لما يعرف بالطابور الخامس كما تشير تقارير الاجهزة الامنية.

كل ذلك كان يحتاج عود ثقاب لاشعال الشارع وهو ما حاولت السفيرة الاميركية فعله من خلال تصريحاتها التي اتت من شاشة قناة تلفزيونية تمثل دولة عربية تجاهر بعدائها للمقاومة ومعروفة بولائها للاميركي

..

تحدد اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية الموقعة عام 1961 في مادتها الثالثة واجبات السفير. وما يهمنا هنا هو البند الثاني الذي يقول ان مهمة السفير "حماية مصالح الدولة المعتمدة..لدى الدولة المعتمد لديها في الحدود المقررة في القانون الدولي" والبند الرابع "التعرف بكل الوسائل المشروعة على ظروف وتطور الأحداث في الدولة المعتمد لديها"

هذان البندان لم تحترمهما السفيرة الاميركية وهذا يكفي لاتخاذ التدابير اللازمة واقلها اعتبار السفيرة شخصا غير مرغوب فيه.

لكن واعترافا بواقع مؤلم، لبنان لا يمتلك القوة التي تخوله اتخاذ هكذا اجراء. وهذا الامر يمكن تفهمه نظرا للتداخلات الكثيرة في التركيبة السياسية المعقدة في البلاد. وهذا الواقع هو ما يساعد الولايات المتحدة في تمرير مشاريعها في المرحلة الحالية والتي بدأت بزيادة الضغط على بيروت اقتصاديا ترافقا مع ارتفاع سعر الدولار لاسباب لم تعرف حتى اللحظة، مرورا بتحريض اطراف وقوى سياسية لبنانية مدعومة بوسائل اعلام لها دورها المشبوه للتصويب على حزب الله وحلفائه وتحميلهم مسؤولية اخطاء ارتكبتها حكومات سابقة معظمها جاءت بمباركة اميركية عربية، وصولا الى التدخل المباشرة والصريح عبر تصريحات السفيرة الاميركية.

حين تقول "شيا" ان واشنطن ستدعم حكومة لبنانية بدون حزب الله وحين يقول السفير السعودي ان مساعدة بيروت ماليا لن تحصل الا اذا.. فهذا يعني امرا واحدا. تخلصوا من حزب الله.. ليس لانه سيء بل لانه شوكة كبيرة في خاصرة الكيان الاسرائيلي ولانه جزء من محور يؤرق واشنطن وادارة ترامب كثيرا. ولانه لا يجب ان تحقق حكومة حسان دياب اي انجاز يحسب لحزب الله لاحقا. والتخلص من حزب الله يجب ان يحصل باي طريقة حتى لو وصلت الامور الى مشارف الحرب الاهلية، وهنا يأتي دور السفارة الاميركية غير المستغرب نظرا لكل ما سبق.

اذا كانت الولايات المتحدة المكان الاكثر امنا لانه لا يوجد فيها سفارة اميركية، فهل يمكن للبنانيين ان يسألوا "هل من حقنا ان نقفل السفارة الاميركية في بيروت ليصبح بلدنا امنا؟"

حسين الموسوي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك