الصفحة الإسلامية

اشارات قرآنية من كتاب بن عباس للسيد الخرسان (ح 2)


الدكتور فاضل حسن شريف

عن علمه يقول المحقق السيد محمد مهدي الخرسان في كتابه موسوعة عبد الله بن عبّاس: أمّا عن العلم: فقد قال رحمه‌ الله: (العلم كثير فأرعوا أحسنه أما سمعتم قول الله تعالى "فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ" (الزمر 17-18). وقال: (العلم أكثر من أن يحاط به. وفي لفظ: يحصى، وفي ثالث: يؤتى على آخره، فخذوا من كل شيء أحسنه) حيث قال الله تعالى "قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا" (الكهف 66). وقال (من سلّم عليك من خَلق الله فاردد عليه ‌السلام وإن كان مجوسياً، إنّ الله تعالى يقول "وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" (النساء 86).

وعن نشأة حبر الاُمة يقول السيد الخرسان رحمه الله: وليس ثمة من تفصيل حول نشأته الأولى في مكة، لكن الذي لا شك فيه أنّه أدرك في صباه ما كان يجري بمكة من خلال أحاديث أهل بيته، وما يقال في الإسلام والمسلمين، ولئن شككنا في إدراكه خروج أبيه العباس مع ابن عمه النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم ليلة العقبة الثانية لتوكيد العهد على الأنصار، لصغر سنّه يومئذ إذ لم يتجاوز الثالثة من عمره وإن كان أبوه كان يحدّث عن ذكريات طفولته وهو في مثل ذلك السن، كما سيأتي في ترجمة حديثه عن مولد الرسول صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم لكن الذي لا شك فيه أنه وعى في طفولته ما كان عليه المسلمون بمكة بعد الهجرة. من إستضعاف قريش لهم ، رجالاً ونساءً وولداناً، وكان هو من الولدان الذين لحقهم الأذى حتى روي عنه بعد ذلك في تفسير قوله تعالى "وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا" (النساء 75). قال الرازي: (المراد بالمستضعفين من الرجال والنساء والولدان قوم من المسلمين بقوا بمكة وعجزوا عن الهجرة إلى المدينة، وكانوا يلقون من كفار مكة أذىً شديداً). قال ابن عباس: (كنت أنا وأمي من المستضعفين من النساء والولدان)، ونقل ذلك عنه جملة من المفسرين كالقرطبي في الجامع لأحكام القرآن والسيوطي في الدر المنثور وغيرهما ورواه البخاري في صحيحه، وغير.

وعن صفة العباس خَلقاً وخُلقاً واسلامه يقول آية الله السيد محمد مهدي الخرسان: أقول : إنّ للمفسرين اختلاف في أنّ عمارة المسجد الحرام كانت وظيفة للعباس أو لا. وذلك في تفسير قوله تعالى "أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ" (التوبة 19). وفي فداء العباس نفسه ومن كان معه روي شأن نزول قوله تعالى "قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الْأَسْرَىٰ إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (الانفال 70) ولمّا رجع العباس إلى مكة أقام بها عيناً للنبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم على قريش، حتى إذا عزمت قريش على المسير إلى المدينة في وقعة أحد كتب العباس بن عبد المطلب كتاباً وختمه وأستأجر رجلاً من بني غفار وشرط عليه أن يسير ثلاثاً إلى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم يخبره انّ قريشاً قد اجتمعت للمسير اليك فما كنت صانعاً إذا دخلوا بك فاصنعه، وقد وجهوا وهم ثلاثة الاف وقادوا مائتي فرس وفيهم سبعمائة دارع وثلاثة آلاف بعير، وقد أوعبوا من السلاح فقدم الغفاري فلم يجد رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بالمدينة وجده بقباء، فخرج حتى وجد رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم على باب مسجد قباء يركب حماره، فدفع إليه الكتاب فقرأه عليه أبي بن كعب.

وعن العباس مشاهده في الإسلام يقول السيد الخرسان رحمه الله: وشهد مع النبيّ صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وقعة حنين، وكان ممّن ثبت معه إذ انهزم الجمع وولّوا الدبر، وذلك اليوم أول يوم شهد فيه الحرب مع النبيّ صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم، وفيه أنزل الله السكينة على نبيه وعلى المؤمنين الذين ثبتوا معه، وذلك قوله تعالى "لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ" (التوبة 25-26). قال الشيخ المفيد: (يعني بالمؤمنين عليّاً ومن ثبت معه من بني هاشم). وقال الشيخ المفيد أيضاً: (ولمّا رأى رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله ‌وسلم هزيمة القوم عنه يوم حنين قال للعباس وكان رجلاً جهورياً صيّتاً ناد بالقوم وذكّرهم العهد ، فنادى العباس باعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، إلى أين تفرّون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم، والقوم على وجوههم قد ولّوا مدبرين. قال العباس: فناديت فأقبلوا كأنهم الأبل إذا حنّت إلى أولادها). قال جابر بن عبد الله الأنصاري: (بايعنا رسول الله صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله ‌وسلم تحت الشجرة على أن لا نفرّ، ولم نبايعه على الموت، فأنسيناها يوم حنين حتى نودي يا أصحاب الشجرة فرجعوا). وإلى هذا الموقف المهزوز المهزوم، يشير القرآن الكريم بقوله تعالى "وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ" (التوبة 25-26) ويعني بالمؤمنين: عليّاًومن ثبت معه من بني هاشم، وهم يومئذ ثمانية نفر سواه فهو يضرب بين يديه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم بالسيف حتى قتل أربعين رجلاً بيده والعباس بن عبد المطلب عن يمينه آخذ بلجام البغلة والفضل بن العباس عن يساره، وأبو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند ثفر بغلته، ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، وعتبة ومعتب ابن أبي لهب حوله ، ومعهم نفر واحد من غيرهم هو أيمن بن أم أيمن، وقد قُتل رحمه‌ الله وفي ذلك يقول العباس بن عبد المطلب: وأبو سفيان آخذاً بالركاب أقول: من الغريب قوله هذا، فإنّه تعوزه الدقة، لأن التاريخ لا يثبت باتفاق: الذي أثبته باتفاق أسماء الهاشميين وليس معهم من غيرهم إلّا أيمن بن أم أيمن حاضنة النبيّ صلى ‌الله ‌عليه‌ وآله‌ وسلم، وهو معدود منهم.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك