الصفحة الإسلامية

"ولا تنازعوا فتفشلوا" التنازع يؤدي الى الفشل (ح 4)


الدكتور فاضل حسن شريف

قال الله تعالى عن الفشل ومشتقاتها "وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" ﴿آل عمران 152﴾ فَشِلْتُمْ: فَشِلْ فعل، تُمْ ضمير، فَشِلْتُمْ: جبنتم، فشلتم: جَبُنتم. فَشِل: ضعف و تراخى عند الحرب و الشدة، و الفشل ضعف القلب و خَوَر الجَنان، ولقد حقق الله لكم ما وعدكم به من نصر، حين كنتم تقتلون الكفار في غزوة أُحد بإذنه تعالى، حتى إذا جَبُنتم وضعفتم عن القتال واختلفتم: هل تبقون في مواقعكم أو تتركونها لجمع الغنانم مع مَن يجمعها؟ وعصيتم أمر رسولكم حين أمركم ألا تفارفوا أماكنكم بأي حال، حلَّت بكم الهزيمة من بعد ما أراكم ما تحبون من النصر، وتبيَّن أن منكم مَن يريد الغنائم، وأن منكم مَن يطلب الآخرة وثوابها، ثم صرف الله وجوهكم عن عدوكم، ليختبركم، و "إِذْ هَمَّت طَّائِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا ۗ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" ﴿آل عمران 122﴾ تَفْشَلَا: تَفْشَلَ فعل، ا ضمير، أنْ تَفْشَلا: تضعفا و تتركا القتال، اذكر -أيها الرسول- ما كان من أمر بني سَلِمة وبني حارثة حين حدثتهم أنفسهم بالرجوع مع زعيمهم المنافق عبد الله بن أُبيٍّ؛ خوفًا من لقاء العدو، ولكن الله عصمهم وحفظهم، فساروا معك متوكلين على الله. وعلى الله وحده فليتوكل المؤمنون، و "إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا ۖ وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ۗ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ" ﴿الأنفال 43﴾ لَفَشِلتُم و لَتَنازَعتُم: لجبنتم عن لقائهم و اختلفتم، واذكر أيها النبي حينما أراك الله قلة عدد عدوك في منامك، فأخبرت المؤمنين بذلك، فقوِيت قلوبهم، واجترؤوا على حربهم، ولو أراك ربك كثرة عددهم لتردد أصحابك في ملاقاتهم، وجَبُنتم واختلفتم في أمر القتال، ولكن الله سلَّم من الفشل، ونجَّى من عاقبة ذلك. إنه عليم بخفايا القلوب وطبائع النفوس، و "وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ" ﴿الأنفال 46﴾ فَتَفْشَلُوا: فَ حرف سببية، تَفْشَلُ فعل، وا ضمير، والتزموا طاعة الله وطاعة رسوله في كل أحوالكم، ولا تختلفوا فتتفرق كلمتكم وتختلف قلوبكم، فتضعفوا وتذهب قوتكم ونصركم، واصبروا عند لقاه العدو.

وردت كلمة فشل ومشتقاتها في القرآن الكريم: تَفْشَلَا، فَشِلْتُمْ، لَفَشِلْتُمْ، فَتَفْشَلُوا. جاء في معاني القرآن الكريم: فشل الفشل: ضعف مع جبن. قال تعالى: "حتى إذا فشلتم" (ال عمران 152)، "فتفشلوا وتذهب ريحكم" (الانفال 46)، "لفشلتم ولتنازعتم" (الانفال 43)، وتفشل الماء: سال.

عدم التنازع والتحاسد والغضب بل الجدال الحسن هو المطلوب كما في الاية "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل 125) و "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ" (فصلت 34). والمؤمن لا يحسد بل يغبط والغيبة من العادات المنبوذة "وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ" (الحجرات 12) والغضب والسب وسماع الكلام الكريه حتى مع العائلة غير جائز للمؤمن والمؤمنة وخاصة خلال الصيام. وشهر رمضان شهر الذكر وقراءة القرآن "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى" (البقرة 197) والذكر باللسان والقلب والاستشعار بمحبة الله. والذكر له حلاوة وراحة كالصلاة فهو مستمر كالنهر الجار خمس مرات في اليوم "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" (البقرة 45) و "الَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ" (الرعد 28) حتى تطمأن النفوس كما هي نفس الامام الحسين عليه السلام "يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً" (الفجر 27-28).ومن أمثلة التنازع بعد الخطأ والتنازع الذي وقع فيه الرماة، وما جرَّ ذلك من التفاف خيل المشركين، بدأت جولة ثانية من المعركة، وأصيب الرسول صلى الله عليه وسلم وشُجَّ رأسه وكسرت رباعيته، بعد هذه الجولة تحدّث القرآن وصارح المسلمين بخلجات نفوسهم، وعرض ما كان فيها من صراع نفسي واضطراب بين نوازع الثبات أو التخلي، عرض ذلك دون أن يخفي شيئاً تحدثت به نفوسهم، وذلك لأنها نفوس إنسانية تصطرع فيها نوازع القوة والضعف، عرض صورة من القلق قبل المعركة "إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (ال عمران 122)

جاء في موقع المكتبة الشيعية عن هوية التشيع للشيخ الدكتور احمد الوائلي: من الثابت أن الشريعة الإسلامية تفرض الوصية على المسلم حتى في بعض الميراث البسيط وفي ذلك يقول القرآن الكريم في سورة البقرة "كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ" (البقرة 180) فكيف يترك هذا الأمر المهم بدون أن يوصي الرسول محمد صلى الله عليه واله وسلم بالخليفة من بعده والحال أن استقرار الأمة متوقف على ذلك وبدون ذلك يؤول الأمر إلى التنازع. جاء في موقع الشيخ محمد صالح المنجد: من أعظم النفع المتعدي: الإصلاح بين المتخاصمين "لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً" (النساء 114). قال الشيخ العلامة السعدي رحمه الله: لا خير في كثير مما يتناجى به الناس ويتخاطبون وإذا لم يكن فيه خير فانه لا فائدة منه كفضول الكلام المباح إما لا فائدة فيه كفضول الكلام المباح، و إما شر ومضرة محضة، كالكلام المحرم بجميع أنواعه ثم استثنى –تعالى- فقال: إلاّ من أمر بصدقة، يعني: من مال، أو علم أو أي نفع كان، أو معروف، وهو الإحسان والطاعة، وكل ما عُرف في الشرع والعقل حسنه، أو إصلاح بين الناس، الإصلاح لا يكون إلا بين متنازعين متخاصمين والنزاع والخصام والتغاضب يوجب من الشر والفرقة ما لا يمكن حصره، فلذلك حثّ الشارع على الإصلاح بين الناس في الدماء والأموال والأعراض، بل وفي الأديان وقال تعالى: "وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا" (ال عمران 103) "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا" (الحجرات 9). وقال تعالى: "وَالصُّلْحُ خَيْرٌ" (النساء 128). ولذلك فإن الله تعالى ينجح عمل المصلحين ولا يصلح عمل المفسدين.

عن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: القرعة و مشروعيتها في الإسلام: وردت أحاديث متعدّدة بشأن القرعة و مشروعيتها في الإسلام، فعن الإمام الصادق عليه السّلام‌ (أي قضيّة أعدل من القرعة إذا فوّض الأمر إلى اللّه، أليس اللّه عزّ و جلّ يقول: "فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ" (الصافات 141). و هذا إشارة إلى أنّ القرعة هي طريق الحلّ الصحيح في حالة استعصاء أمر ما و عدم وجود طريق آخر لحلّه، و تفويض الأمر للّه كما جاء في قصّة يونس حيث انطبقت تماما مع الواقع. و هذا المعنى ورد بصراحة: في حديث لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم، قال فيه: (ليس من قوم تنازعوا (تقارعوا) ثمّ فوّضوا أمرهم إلى اللّه إلّا خرج لهم المحقّ).

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك