25 مارس/آذار 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على سيد المرسلين ابي القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين .
عقدت لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية لقاءاً مع سماحة الشيخ محمد الحسين رئيس لجنة الدفاع عن حقوق الإنسان في شبه الجزيرة العربية وحاورته بشأن العديد من المسائل الحساسة والمهمة وأبرزها بيان وزارة داخلية الكيان السعودي الذي اتهم فيه عدد من الشخصيات الدينية والثقافية والاجتماعية بتهمة التجسس الوهمية :
السلام عليكم سماحة الشيخ محمد الحسين :
كما هو معلوم سماحة الشيخ بأن سلطة الكيان السعودي قد بدأت بمنحى جديد لوضع حواجز تحد من نشاط الحراك المطلبي في المنطقة الشرقية الذي تزامن مع صحوة الشعوب العربية وإدراكها لما يجري تحت الخفاء من مؤامرات من قبل الحكام الذين فرضوا أنفسهم بالقوة على الشعوب المستضعفة , ولم يكن الشعب العربي في شبه الجزيرة العربية ببعيد عما يدور في الجوار من نهضة الشعوب المقهورة لكسر قيود الخوف التي فرضتها سلطة الكيان على مواطنيها وذلك من خلال فرضها لعقيدة ومذهب فاسدين استأثرت بهما مما جعل شرائح كبيرة من المجتمع يعيش في مناخ من التهميش والاقصاء والتفتيت .
وفي محاولة وهي ليست الأخيرة من مديري تلك السلطة لوضع الشبهات حول الحركة المطالبة بالحقوق المشروعة في المنطقة الشرقية من البلاد ذات الغالبية الشيعية، فقد بادرت هذه السلطة الى اعتقال عدد من الشخصيات الشيعية تضم عدد من النخب الاجتماعية والثقافية والدينية وذلك من خلال فبركتها لتهمة التجسس لصالح دولة أجنبية .
يرجى من حضرتكم توضيح بعض المسائل من خلال الاجابة على بعض التساؤلات :
1- ما هو الهدف من اعتقال سلطة الكيان السعودي في هذا الوقت لعدد من المواطنين الشيعة بحجة انتمائهم لشبكة تجسس تعمل لصالح دولة اجنبية ؟
بسم الله الرحمن الرحيموالحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا وشفيع ذنوبنا محمد وآله الطيبين الطاهرين .
المواطن في عقلية بني سعود الشاذة يعيش دائما على الهامش ، وليس له أي قيمة او اعتبار وطني او انساني او أخلاقي ، ويفتقد الحد الأدنى من الحقوق الشرعية والانسانية ، لقد أصبح واضحا للعيان أن هذا الكيان المتخلف بات يعيش أزمات حقيقية بسبب فشله واحباطاته في مواجهة الملفات الاقليمية التي أشعلها بالتنسيق مع حلفائه الغربيين وبالتعاون مع أقرانه في الأنظمة العربية المتآمرة في مواجهة الصحوة الاسلامية المستعر أوارها في أكثر من بلد عربي ، وبسبب فشله في كبح جماح الحراك المطلبي الذي اتسعت رقعته فشملت العديد من مناطق البلاد ، فسقطت جميع رهاناته وأخفقت كل حساباته ، فلم يبق أمامه سوى اللجوء الى تأليف سيناريوهات وهمية كاذبة طالما اعتاد على التوسل بها للخروج من مآزقه الأمنية والسياسية والمطلبية ، ولنا في ذلك أمثلة كثيرة ، منها اعدام ستة عشر مواطنا كويتيا بريئا مظلوما عام 1988 بعد أن اتهمهم ظلما بالتخطيط لتفجيرات في مكة المكرمة ، واعدام المواطن الشهيد صادق مال الله عام 1992 بعد اتهامه كذبا وزورا من قبل قضاء بني سعود الطائفي الحاقد بالارتداد وهو الشاب المعروف بتدينه وايمانه ، واعدام أربعة من المواطنين الأبرياء عام 1995 بعد أن أجبرهم على الاعتراف بمسؤوليتهم عن تفجير العليا ، واعتقال أعداد كبيرة من المواطنين الشيعة فأجبرهم على الاعتراف بمسؤوليتهم عن تفجير الخبر عام 1996 فأطلق سراح بعضهم بينما لا يزال تسعة منهم رهن الاعتقال دون محاكمة ودون معرفة مصيرهم في إطار أبشع مؤامرة ظالمة عرفها تاريخ هذا الكيان .
الكيان يريد من خلال الاعلان عن هذه المؤامرة الخطيرة بحق مجموعة مخلصة وشريفة والذي يمثل تصعيدا خطيرا في هذه المرحلة الحرجة التي وضعت هذا الكيان أمام استحقاقات وطنية ومطلبية ملحة ، يريد قلب الطاولة وخلط الأوراق وارباك الساحة الداخلية وخلق اصطفافات مبنية على أساس طائفي بغيض ، واشغال أبناء الشعب الغاضب والمطالب بحقوقه بالترويج لتهم كبيرة لاجهاض التحركات المطلبية وتمييعها .
ونحن من هذا الموقع نرفض استخدام المواطنين الشرفاء وقودا للصراع السياسي على المستوى الاقليمي والدولي ، وأبناء شعبنا الشريف هم أكبر وأعظم من أن يستخدموا كورقة لتصفية الحسابات في سوق سياساتهم العدوانية الساقطة والخاسرة .
لا يحق لكيان لقيط منغمس في وحل العمالة والتبعية ، قد استباح البلاد وما عليها أمنيا وعسكريا واقتصاديا وسياسيا لصالح الأجنبي أن يتهم أبناء شعبناء الشرفاء المخلصين لدينهم ووطنهم بتهم يعلم الجميع أنهم أبرياء منها وأنه هو المتورط فيها من رأسه الى أخمص قدميه.
نحن نعلم أن هؤلاء المظلومين سوف يمكثون في السجن طويلا ، وسيصبحون في ذاكرة النسيان دون محاكمة عادلة إذا بقي الصمت واللامبالاة أزاء هذه الجريمة وأزاء كل الانتهاكات الخطيرة في هذا البلد هي السمة البارزة لدى المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الانسان التي لا تتحرك ايجابيا مع الأسف الشديد إلا وفق مصالحها وسياساتها ورؤاها ذات المعايير المزدوجة .
2- سماحة الشيخ الحسين , ان من المعلوم لدى العديد من المواطنين في المنطقة الشرقية بان الحراك الشعبي هو لتجاوز حاجز الخوف الذي اسسته سلطة الكيان السعودي للحد من مطالبة المواطنين لحقوقهم المشروعة ورفض سياسة التهميش والاقصاء , فما هي في رأيكم الخطوة المناسبة والمدروسة في هذه الفترة الحرجة من قبل شباب الحراك المطلبي في افشال المخطط الحكومي لاتهام المواطنين الشيعة باتهامات زائفة تصل حد اتهامهم بالمؤامرة وهي تهمة خطيرة معلومة النتيجة ؟.
- الحراك الشعبي المطلبي في بلادنا هو حراك مقدس هدفه تحقيق الحرية والعدالة ونيل الحقوق المسلوبة والعيش بعزة وكرامة ، وأما سقوط جدار الخوف والوهن الذي أسس قواعده الكيان بظلمه وبطشه وغطرسته قد انهار وأصبح من الماضي ، وهو من ثمار هذه الحركة المقدسة ومن ثمار دماء الشهداء التي أريقت من أجل تحقيق أهداف هذه الحركة المباركة ، والكيان الذي بني على أساس الظلم والعدوان والاستبداد وقمع الحركات المناضلة والمطالبة بحقوقها على مدى تاريخ هذا الكيان الأسود لا يمكن أن يتوقع منه سوى المزيد من سفك الدم والمزيد من الكذب والتآمر وتلفيق التهم الباطلة ، وصنع الأعداء الوهميين تحت مسمى الجماعات التخريبية والمفسدة والارهابية والمتعاملة مع دول أجنبية , ليست سوى أكاذيب وتخرصات دأب عليها هذا الكيان للانتقام والتخلص من مناوئيه ومعارضيه ، او لتنفيذ أو تمرير بعض المشاريع المشبوهة فيذهب ضحيتها الكثير من الأبرياء الذين قد يكون بعضهم بعيدا أصلا عن أي نشاط سياسي مناهض كما هو حال هؤلاء المتهمين المظلومين ، وأفضل رد على هذه الممارسات العدوانية التعسفية يكمن في المزيد من الوعي والبصيرة ، والتحرك المخطط والمدروس والمزيد من التعاون والتعاضد ورص الصفوف ونبذ الفرقة والاختلاف وتوحيد المواقف والجهود على مستوى النخب وعلماء الدين وشباب الحراك بمختلف تياراتهم وتوجهاتهم ، والحضور الدائم في الساحة والعمل الدائم والمستمر في اطار الحراك المطلبي السلمي انطلاقا من مبدأ المبادرة ، لنجعل من حركتنا المباركة حركة خلاقة فاعلة منظمة ، لا أن نعمل وفق المناسبات وانطلاقا من ردود الفعل وإن كان ذلك مهما.
والتأكيد أيضاً على شمولية الشعارات والمطالب واخراجها من اطارها المذهبي الضيق لتكون اسلامية وطنية قطعا للطريق على الكيان وأزلامه المتربصين المتصدين في الماء العكر وإحراجا لهم .
3- ان من الواضح للقاصي والداني ومن خلال ما تنشره وسائل الاعلام , هو تورط الكيان السعودي في صفقات مشبوهة لاثارة الفتنة الطائفية في العديد من البلدان العربية وغير العربية , اضافة الى تصديرها لعقيدة الارهاب الوهابي ان صح التعبير الى جميع انحاء العالم , فما هو الموقف الجاد والحازم لفضح هذا الدور علماً بان الدوائر الغربية وحتى المنظمات الحقوقية لم تؤدي دورها بشكل يتناسب مع قوة وزخم التيار العدائي لسلطة الكيان السعودي ؟
- لقد أصبح واضحا اليوم أكثر من أي وقت مضى ونتيجة للصحوة الاسلامية الشاملة التي اجتاحت العالمين العربي والاسلامي مدى خطورة هذا الكيان على هذه الأمة ودوره الخياني والتآمري على العرب والإسلام والمسلمين ، ولو سخرنا كل امكاناتنا وطاقاتنا الإعلامية والتوجيهية من أجل فضح هذا النظام وتعريته أمام العالم لما أمكننا ذلك , ولكنه فضح نفسه بنفسه .إن هذا الكيان تأسس على أيدي أعداء الإسلام والعرب ليلعب دورا خطيرا في تشويه صورة الإسلام وقد كان تحالفه مع الفكر الديني الوهابي المنحرف بما يحمل من فكر متخلف بعيد عن مبادئ الإسلام وتعاليمه وأخلاقه ، وبما يحمل من فكر تكفيري يبيح دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، لقد كان السلاح الأمضى الذي سخره أعداء الإسلام لضرب الإسلام والمسلمين باسم الإسلام ، وما زال العالم العربي والاسلامي يأن من وقع الحروب والمجازر والنزاعات الطائفية المنطلقة من ذات الفكر الذي خرج الالاف من دعاة التكفير والكراهية والقتل ومئات الالاف من الارهابيين القتلة المتنقلين من بلد الى بلد كأداة تحقق مطامع أعداء الإسلام وتلبي رغبات بني سعود الذين يقتاتون على الصراعات والاختلافات ونشر الطائفية والكراهية ، وضرب السنة بالشيعة والشيعة بالسنة ، والجميع يعرف أن رموز هذه العائلة السعودية اللقيطة الطارئة على بلادنا وشعبنا وديننا ليس لها علاقة أصلا لا من قريب ولا من بعيد بهذا الدين وهذا الإسلام ولا بالسنة ولا بالشيعة ، ولكن امتهان سياسة المكر والخداع والنفاق التي أصبحت جزءا من حياتهم هي التي يمكنها أن تخدع البعض من المسلمين ، وإن التمسك بروح الوحدة والتقريب بين المسلمين ونشر ثقافة الحب والتسامح والتواد والتراحم ومحاربة الدعاة للتناحر والفتن من الشيعة والسنة ووقوف المسلمين صفا واحدا من أجل تحديد أولوياتهم ومشاريعهم المشتركة وتشخيص أعداءهم الحقيقيين والوقوف بوجههم وبوجه مشاريعهم المدمرة يعتبر من أهم السبل للخروج من هذا المأزق .
4- لقد اصدر عدد من العلماء والناشطين في القطيف والاحساء بياناً الـ 37 عالما وناشطاً نددوا فيه مزاعم وزارة الداخلية بخصوص شبكة التجسس الوهمية , فما هي الخطوة التالية والمؤثرة في نضركم في مجابهة الاستهتار الذي تقوم به السلطة في اتهام مواطنين ابرياء لا يمتون للسياسة بصلة ؟
- إنني أؤيد هذا البيان وما جاء فيه من تصريحات جريئة ومهمة وقد كان الموقف الشرعي والوطني المطلوب في الظرف والزمان المطلوب ، ووظيفة العلماء الشرعية تحتم عليهم الوقوف أمام هذا الاجراء العدواني الخطير وتبيان الحق والوقوف أمام الباطل ، فلمواقف العلماء في بعض الأحداث المهمة والخطيرة والمصيرية في الزمان والمكان المناسبين أثر كبير في انقاذ الأمة ومقارعة الظلم والباطل ، ولكن مهمة العلماء في هذه المرحلة والانعطافة الخطيرة التي تشهدها بلادنا يجب أن تكون منسجمة مع خطورة المرحلة ، ويجب أن تكون هذه الحادثة مناسبة للوقوف مليا والتأمل في الوضع السياسي والأمني وتطوراته وخلفياته وأهدافه ، ووضع الحراك المطلبي وتطوراته ، ومواقف السلطة تجاه كل القضايا والملفات للخروج بمواقف واتخاذ طرق وأساليب متتطورة ومتقدمة تتناسب مع كل هذه التطورات .
5- يعتقد العديد من المواطنين , او كما تسوق لهم وسائل الاعلام المشبوهة بان المواطنين الشيعة هم الوحيدون ممن يعارض السلطة القائمة , في الوقت الذي تعج فيه شوارع بريدة والقصيم وفي كل يوم تقريباً بمحتجين من غير الطائفة الشيعية يطالبون بحقوقهم المشروعة التي غيبتها سلطة الكيان السعودي , فما هو برأيك الأسلوب المناسب لاظهار حقيقة المعارضة الشاملة لجميع شرائح المجتمع وعرضها للعالم ليتسنى معرفة مقدار الظلم والحيف الذي يحيق بشعب شبه الجزيرة العربية ؟
- اليوم ونحن نعيش ثورة الاتصالات وتقنية تبادل المعلومات لم تعد وسائل الاعلام او بالاحرى امبراطورية الاعلام التي جيرها بنو سعود لصالحهم ولتوجيه الرأي العام نحو الأهداف التي يريدوها لم تعد تجدي نفعا بل أصبحت مفضوحة مكشوفة ، والتحركات الشعبية المطلبية في بلادنا شأنها شأن باقي بلاد العالم العربي لا تخفي نفسها ولا يمكن التعتيم عليها .
بلادنا تعيش حالة من الاحتقان والغليان الكبير بسبب تراكم الظلم والحرمان والتهميش وقمع الحريات ، وانتشار روائح الفساد في جسد العائلة المتسلطة ورموزها وفي باقي أجهزتها الحاكمة ، والتي لم تكن آثارها السيئة تقتصر على منطقة دون أخرى ولا على أتباع مذهب دون آخر، وتشهد حركات الصحوة بجوارها وفي محيطها ، وهذا كله يدعوها للانتفاض والتحرك والمطالبة .
6- سؤال أخير سماحة الشيخ : هل من الممكن ان تحد الاتهامات التي طالت وستطال هذا العدد من المواطنين من مطالبة الجماهير بحقوقها المشروعة , او تضع حداً لحراكها المطلبي؟
- إن هذه الاتهامات سياسية وطائفية بامتياز والضرب على وتر الطائفية أصبحت سياسة فاشلة لن تصل الى أهدافها في ظل تنامي حالة الوعي والصحوة الشاملة التي اجتاحت جميع مناطق البلاد، فيجب الوقوف بوجه هذه الاتهامات ورفضها بقوة ، ولا يجوز الوثوق والتسليم لا بنتائج التحقيقات ولا بأي محاكمة على فرض إجرائها من قبل النظام لأنها بلا شك ستكون كيدية فاقدة للنزاهة والعدالة والاستقلال ، فإننا لا نؤمن بوجود جهاز قضائي عادل ونزهيه ومستقل في هذا البلد ، فالاتهام ونتائج التحقيقات كلها قد أعدت سلفا في مكاتب وزارة داخلية هذا الكيان سيئة الصيب وذات السجل الاجرامي والعدواني الأسود بحق هذا الشعب ، والمحاكمة صورية خلف أبواب موصدة على فرض انعقادها أصلا ، ولعل من أهم أهداف هذه المؤامرة التعبئة الطائفية ونزع روح الثقة والترابط والانسجام بين أبناء الشعب ومحاولة فاشلة لاستعادة هيبة هذا الكيان وسيطرته التي سقطت بفعل الغضب الشعبي ونشر الرعب والخوف من الكيان إلا أن ذلك كله أصبح من الماضي والشعب الذي قدم كل هذه التضحيات من الشهداء والجرحى ومازال مستعدا للتضحية انطلاقا من ايمانه بحقانية قضيته لا يمكن لمثل هذه الأكاذيب والمؤامرات أن تثنيه قيدة أنملة عن السعي من أجل تحقيق أهدافه المقدسة ، بل ستزيده وعيا وبصيرة وفهما لطبيعة هذا النظام العدوانية الظالمة ، واصرارا على المضي قدما في هذا الطريق .
في نهاية هذا اللقاء لا يسعنا إلا ان نتوجه بالشكر الجزيل لسماحة الشيخ محمد الحسين على إتاحة الفرصة لنا لاجراء هذا الحوار .
https://telegram.me/buratha
