المهندس: حيدر الجبوري-ديترويت
حزب الدعوة الأسم الكبير بتضحياته من خلال المواجهة غير المتكافئة بين القذر صدام وأبطال العراق، من ذا الذي يجحد بهذا التاريخ, حزب الدعوة الذي كان رأس الحربة في الحركة الأسلامية ومواجتها الدامية مع أشرس نظام عرفه التأريخ الحديث والقديم.هذا من الثوابت التي لايتجادل بها اثنين.
مانريد قوله في هذه السطورهو ليس التشكيك بهذا التاريخ ولكن نريد القول أن حزب الدعوة كبقية الأحزاب العراقية أتخذ من الرمزية غطاءً لتركيزه على المظاهر والرموز علّها تخدمه في صراعه الحزبي مع بقية الأحزاب تارةً وأستقطابه للجماهيرتارةً أخرى. ولذا أتخذ من إسم الشهيد الصدر الأول عنواناً كبيراً ومؤسساً وحيداً لتنظيمه. لقد شاب فترة تأسيس حزب الدعوة الكثير من الغموض سيما وأن العمل السياسي لهذا الحزب وفي تلك الفترة لم يرفدنا بأي وثيقةلأعتمادها كتأريخ ومصدراً، فلم يبق لدينا سوى الشهود الذين يدلون بشهادتهم بأنتقائية حزبية وشخصية . هذا بخصوص الجيل الأول، أما الجيل الثاني فحدث ولاحرج بشهادته وأدعآآته، فمن صلى فرضاً خلف الصدر الأول أدعى صحبته، وكان أستشهاد الصدر موافقاً لكثرة تصريحاتهم وعظمة بطولاتهم، وهكذا يرتاح الكذاب عندما يموت الشاهد الحقيقي.
مانريد توضيحه في هذه المقالة،هو أولاً هل الصدر الأول هو المؤسس لحزب الدعوة؟. لماذا أصدر الصدر الأول فتواه الشهيرة (حرام الأنتماء الى حزب الدعوة)؟، وماهي الظروف التي أفتى بها. حاولت أن أجد وثيقة أستند اليها عن فترة التأسيس فلم أحصل الا على كتاب (حزب الدعوة ، حقائق ووثائق) لمؤلفه صلاح الخرسان صادر من دمشق عن المؤسسة العربية الحقيقة انه كتاب قيم يتناول بشكل محايد فترة معقدة من تاريخ العراق. لم يستطع الكاتب رغم جهوده وحياديته أن يحدد تأريخاً لولادة حزب الدعوة، فلم يكن هناك مؤتمر أو بيان يشير بوضوح الى تأسيس حزب يحمل هذا الأسم.بل كل مافي الأمر كان هناك جلسة دينية أقتصرت على ناشطين إسلاميين لهم توجه سياسي.
كانت هناك نشاطات دينية سياسية، وأعتبرت هذه النشاطات والفعاليات تأسيساً لحزب، كان هذا في الخمسينياتٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ من تأريخ العراق يوم كان النشاط السياسي وتشكيل الأحزاب مسموح به وإجرآت التشكيل الحزبي لاتتعدى عن كونها عمل روتيني يستطيع كل محامي القيام به، ومع ذلك لم نجد أي وثيقة رسمية في دوائر الدولة تشير وبوضوح الى تأسيس حزب أسمه حزب الدعوة، لأنه وبسهولة لم يتأسس حزب بهذا الأسم في تلك الفترة(أواسط الخمسينيات)، ويبدوا انه لاحقاً الحاجة الحزبية للأدعياء ومايخدمهم في التنافس الحزبي هو الذي أوجد هذا التأريخ والأدعاء. مجموعة من الشباب الحوزويين المتحمسين، لمواجهة المد الشيوعي (الملحد) أواسط الخمسينيات،.
ثم كان الأخوان المسلمين بتنظيمه وشموله في كل أنحاء العالم العربي والأسلامي، كل ذلك أثار الحافز والمسوؤلية عند اولئك الشباب ،بالمبادرة بعمل سياسي ديني. وكان هذا العمل لفترة زمنية قصيرة، لم يرتقي الى تنظيم بمجموعات وبرنامج حزبي بالمفهوم المتعارف عليه ،لأنه أثار لغط في أوساط الحوزة التي لها من القدسية ماهو أسمى من العمل الحزبي السياسي. وكرّمت هذه المجموعة أغلبها بالشهادة فكان الشهيدمحمد مهدي الحكيم والشهيدمحمد باقر الصدر وعضده المفدى الشهيد محمد باقر الحكيم ومن المجموعة الأولى أيضاً آية الله طالب الرفاعي والسيد مرتضى العسكري . وهنا يجب ذكر شهادة السيد مهدي الحكيم حيث قال لم نستطيع تحديد من الذي بادر بالفكرة (فكرة ايجاد عمل سياسي ديني) حزب الدعوة. ولكن ماهو مهم في هذه الشهادة هوطلب السيد طالب الرفاعي من السيد الشهيد محمد مهدي الحكيم بمفاتحة الشهيد الصدر ليكون معنا في هذا التنظيم!!!
إذن لم يكن الشهيد الصدر هـــــــــو المؤســـــــــــــــــــس؟؟؟؟!!!!!لابل لم يكن حتى من المبادرين في التأسيس ، بل تمت مفاتحته ودعوته من قبل المؤسس الحقيقي للدعوة السيد محمد مهدي الحكيم. هذا ماتثبته شهادة السيد محمد مهدي الحكيم المذكورة في الصفحة48 من الكتاب آنف الذكرأن المؤسس الحقيقي لحزب الدعوة هو الشهيد السيد محمد مهدي الحكيم، وإذ قال بشهادته (لم نستطيع تحديد من الذي بادر بالفكرة) ، قالها من باب التواضع، فليس من اللياقة، أن يقول الشهيد مهدي الحكيم( آني مؤسس حزب الدعوة).
لماذا طلب السيد الرفاعي منه أن يفاتح الشهيد الصدر الأول، أوليس هذا دليل على أنه هو المبادر بالفكرة وتحمل مسؤؤليتها؟؟ لماذا يتمسك الأدعياء والدعاة بالشهيد الصدر الأول مؤسساً للدعوة؟؟ وهل يرضى الشهيد الصدر نفسه بذلك؟؟ (لاتبخسوا الناس أشياءهم ) أن الصراع الحزبي والعائلي وراء ذلك.الصراع الحزبي بين المجلس والدعوة إبتداءً من تأسيس المجلس في إيران والدعم الأيراني له ليكون قوة مواجهة للجيش الصدّامي أثناء حربه مع العراق. فكيف للدعوة وحزبيته أن يتخذ من أخ الشهيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى، لصاحبه آل الحكيم، مؤسساً لحزب الدعوة. فكان من بديهيات التنافس الحزبي أن يتخذ الدعاة من إسم الشهيد الصدر رمزاً لهم وجعله هو المؤسس وأن لم يكن!! الحوزة ككل مؤسسة فيها تنافس وفرق وشيع وهذا واضح بشكل كبير في داخل الحوزة، من ضمن هذه الكتل هو التكتل العائلي بين العوائل الدينية ولايمكن إستثناء عائلة الصدر وعائلة الحكيم من هذه الكتل ، ومعروف إن السيد محسن الحكيم لم يكن مؤيداً لتأسيس حزب الدعوة، حتى أنه نهى أولاده من مواصلة العمل السياسي مع الدعوةوكان لتوجيهه الأثر الكبير في تعثر حزب الدعوة وهوفي مرحلة التأسيس ثم نهايته، فوسط هذا الجو كله كيف للدعاة أن يتخذوا من إسم اّل الحكيم رمزاً لهم. فكان الأفضل لحزبيتهم أن يتخذوا من الأسم العائلي الأخر رمزاً لهم، وليس هناك أفضل من أسم العائلة الصدرية رمزاً وخندقاً يتمترسون به لمواجهة خصومهم. سيما وأن الشهيد الصدر أسم كبير في المواجهة الأسلامية الصدامية، وأسمه يثير عندهم ألف عقدة ذنب.
وأراد الدعاة أن يجعلوا من إسم الصدر ماركتهم المسجلة وأن يتخذوا من الصدر الثاني ملكاً لهم بعد السقوط الصدامي، ولكن هيهات لهم ،فهذا مالم يسمحوا به أتباع الصدر الثاني!! ولذا بخس الدعوة الشهيد محمد مهدي الحكيم حقه، وبالتأكيد هذا مايغيض الصدر الأول وهو في قبره ، ولكن الرمزية في العمل الحزبي تجيز لأبوا إيمان وأبومجاهد بعد أن كانوا أبوعروبة وأبوسيف، تجيز لهم أي شيء ، أوليس الغاية تبرر الوسيلة!!!!
إن الرمزية التي هي سلاح الحزب بين الجماهير لم تتوقف على الدعوة فقط بل واضحة في كل الأحزاب الأخرى، والمثل الصارخ الأخر هو الطرف القصي من حزب الدعوة الحزب الشيوعي العراقي الذي اتخذ من إسم الزعيم عبد الكريم قاسم رمزاً له ، ومن ثورة 14 تموز يوماً خالداً في سفره يحتفل ويغني به الرفاق للصباح، وتناسوا إن الزعيم قاسم قد بطش بهم أواخر الخمسينيات ومنعهم حتى من العمل الحزبي ولولا (المستحى) لكتبوا تحت صورته مؤسس الحزب الشيوعي العراقي!! وهكذا ظلموا رفيقهم المؤسس الحقيقي فهد، شهيد الحزب العقائدي وهو في قبره . من أجل قوة الحزب سيتخذوا رمزاً لهم كائن من يكن ودون إكتراث لما يكون!!رموز الأحزاب ليست هي بالضرورة،الشخصية المؤسسة لذلك الحزب ، بل مايخدم الحزب ويكسبه شعبية أكثر بين الناس . وهل هناك أكثر من الصدر إسماً ومعنى يخدم الدعوة. ولذا فهو المؤسس لهم وإن لم يكن.
إذن متــى تم تأسيس حزب الدعوةالحالي؟؟ أن حزب الدعوة بالمفهوم الحزبي الحديث وبرنامجه وتنظيماته، تكوٍّن في أواخر السبعينيات إثر الصراع السياسي القوي بين التيار الأسلأمي بقيادة الخميني وتيار الصداميين، فكان لزاماً على كل طرف أن يستفاد من معارضي الطرف الأخر. وهكذا أستفاد رجال العراق أواخر السبعينيات من معارضي البطش الصدامي من هذا الصراع ونظموا أنفسهم ليشكلواحزب الدعوة، وأعتبر هذا النشاط والوجود هو أمتداد لتلك الفكرة في أواسط الخمسينيات.، ولذا اعتبروا التاسيس منذ تلك الفترة. نعم بالحق الحٍزبي نعتبر أن حزب الدعوة تأسس منذ فترة الخلفاء الراشدين.
هذا هو الجزء الأول الذي يبحث في مرحلة التاسيس والمؤسس. وفي الجزء الثاني سنتناول فتوى الشهيد الصدر، بحرمة الأنتماء لحزب الدعوة.
المهندس: حيدر الجبوري-ديترويت
https://telegram.me/buratha