المقالات

قصتي مع جيفارا العراق وحبيب بن مظاهر


 

خالد الثرواني ||

 

في حزيران 2014 بلغت القلوب الحناجر، كانت المدن تتداعى كقطع الدمينو، الموصل، الشرقاط، بيجي، تكريت، جلولاء، السعدية، المقدادية، سليمان بيك، اسماء كانت تطرق المسامع بوجع وصور تتناقلها عواهر الفضاء الخليجية بفرح غامر، في ذلك الوقت العيون ترنو لسامراء خوفا من فاجعة جديدة، والى بغداد التي هرب من هرب منها وبقي من بقي، انه امتحان للرجال الرجال.

ومن كربلاء صدح ذلك الصوت العظيم؛ ليعيد القلوب الى سكينتها، في 13 حزيران كان التاريخ واقف والزمن ينتظر والناس كأن على رؤوسها الطير حتى جاء القول "ومن هنا فان المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الارهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية"، في الرابع عشر من شعبان المبارك.

في وقتها كان طريق المحتفلين بولادة صاحب العصر في قضاء الهندية يكاد يخلو على غير العادة من مجاميع الشباب المحتفلة واكتفت المواكب التي كانت تستقبلهم بتقديم الماء فقط بعدما كانت تقدم العصائر والشربت والجكليت والكيك وإشعال الشموع والبخور، كان حديث الرجال اي المناطق ستسقط، بينما اكتفت النساء بالتفكير بطريقة انتحار سهلة قبل وصول الارهابيين.

في صلاة المغرب خرج السيد مرتضى القزويني يرتدي الزي العسكري ويحمل الكلاشنكوف في الصحن الحسيني المطهر، تبعه ظهور الشيخ جعفر الإبراهيمي وهو يحمل البندقية في مقام الامام المهدي (عج) الى الشمال من العتبة الحسينية المقدسة وهو يخطب بآلاف الشباب في خطبة حماسية ألهبت الجميع كللتها اشعار الاعاجيبي.

في اليوم التالي ولأن لا احد يصدق اعلام الحكومات في الازمات والذي اكتفى بإظهار صباح الفتلاوي من سامراء يحكي صد تعرضات وقصف ارتال متوجه الى المدينة المقدسة بدأت اتنقل بين الفضائيات لعلي القط خبرا مفرح، حينها وقع النظر على قناة الفرات وفي خبر عاجل استمر طويلا حتى بقي ثابتا على نصف الشاشة الايمن عاموديا: "ابوُ مَهدي المُهندس يدعو الكادر الجهادي ممن حملوا السلاح سابقاً، من مستوى آمر حضيرة فما فوق الى الالتحاق فورا الى مقرات بدر في بغداد". كان الاسم غريب عليّ ولم اسمع به اطلاقاً رغم ولعي بالاخبار وبرامج السياسة التلفزيونية منذ 2003، من هذا المهندس الذي بادر بتنفيذ الفتوى وتطبيقها وقيادة جحافل المتطوعين؟

ركضت مسرعا الى مقهى قريب يتوفر فيها انترنت وبحثت على الاسم لعل فيه بعض أمل وانا واقف حصلت على ما يروي ضمأ الروح جلست مستريحا بعدما عرفت ان الفتوى بأيدٍ أمينة.

بعدها كان ظهور الرجل خبر انتصار من آمرلي الى جرف النصر الذي تهاوت حصون داعش فيها بعد لحظات من وصوله رفقة رفيق دربه في الساعة الحادية عشرة صباحاً.

كان المهندس بلسم لجراح العراق، لازلت اذكر بعد العودة الى الدراسة كان طلبة الكلية اول ايام الدوام يرتدون الزي العسكري والطالبات كذلك، كثيرٌ منهم شتموه او فرحوا يوم اغتياله، رغم قطع علاقتي بهم ذلك اليوم بعدما تبين ان الخسة والنذالة طبيعة غالبة في جزء  من العراقيين وانهم لايختلفون عن ابو موسى الاشعري، اذكرهم حين كانت صوره تزين هواتفهم وصفحاتهم، اذكرهم حين كانت صفحاتهم تلهج باسمه حين كانت السيوف والمفخخات على بعد خطوة من رقابهم، وكطبيعة الانسان الخالي من المبادئ دائما ينكر فضل من يحسن اليه.

في يوم الثالث من كانون الثاني وفي تلك الليلة المشؤومة برزت في الواحدة ليلا منشورات تذكر قصف مطار بغداد، وكالعادة لا يذهب التفكير الا الى المتهم الرئيس بفعل الضخ الاعلامي، تسارعت المعلومات وأظهرت الفاجعة، لا احد يصدق، اتصلت فورا بمطار بغداد وان الجواب ان القصف استهدف سيارات مدنية من نوع "ستار اكس والينترا" لعوائل جاءت بطائرة سورية، لم اهدأ فتواصلت مع احد المقربين من الشهيد فلم ينف او يؤكد بعدها بلحظات جاءت منه رسالة تقول "لا اله إلا الله، انا لله وانا اليه راجعون"، اكتفى الاخ المرسل بتلك الكلمات ففهمت ما حدث وهذا تأكد بعدما نشرت قناة الميادين خبرا عاجل.

لم اجد سوى النوم من هول الخبر، رغم ان الشهادة امنيته وكان الرجل يحمل روحه على راحته منذ اربعين سنة الا انه كان حل لكل أزمة وقائد تسكت في وجوده جميع الاصوات، ما أن غلبني النوم حتى انتقل بي طيف الى صحن الامام الحسين عليه السلام ليظهر من تحت الارض حبيب بن مظاهر الاسدي مضرجا بدمه يشق التراب من حوله يحتضن الشهيد المهندس الذي جاء بخطواته الواثقة المعهودة وشيبته البيضاء الناصعة وقامته المستقيمة بحراره. حينها فزعت فسكنت متأكدا انه كان على حق.

ــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك