المقالات

السلطة والدولة بين مفهومين


 

عبد الخالق الفلاح ||

 

ثقافة عامة

عندما تصل مجموعة سياسية الى السلطة دون وجود استراتيجية التخطيط الاستراتيجي "الذي يُعد عاملا مهما في صياغة وتصميم سياسة أية دولة، وذلك لان التخطيط الاستراتيجي يشكّل مرتكزا تستند إليه آليات ووسائل إدارة الدولة في الجوانب كافة سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية أو الإدارية، وبالتالي فأن النجاح الواضع لهذه الأسس في إدارة شؤون دولة يتوقف على درجة إتقانها للاستراتيجية التي تضعها وتكريس جهودها وإمكانياتها لتنفيذ بنودها".

 وأن لا تحتكر هذه المجموعة كل شيئ فيه لصالحها  بالقوة وتعمل على ابقائها محتكرة في يدها فتصير سلطة عنف واستبداد مطلق وتتحول إلى أداة نفي للاخرين اولاً ،وثانياً لماهية الدولة والقانون، واحتكار الحق والقوة والعنف والتسلطية المطلقة، و تتحول سياسة التسلط لديها إلى ذهنية منتهكة للقيم، بخطابات تبرر ممارساتها التسلطية.

ولا يفرق العديد من الناس  بين الدولة و السلطة، و هذا الإبهام مرده ممارسة الدولة للسلطة" وهناك فرق شاسع بين المفهومين  الدولة والسلطة ويجب التمييز بينهما،  الدولة لها اركان ثابتة دائمة اما السلطة فهي زائلة ومتحركة. وقد تتوالى وتتعاقب .

اما الدولة تقوم على ثوابت ثلاثة: الارض والشعب و قانون أساسي ينظم السلوكيات والعلاقات،

 بينما تكون السلطة الادارة القانونية للدولة .

أي أن السلطة ما هي إلا آلة تسير أمور الدولة بموجب القوانين والشرائع التي تسن من قبل المجلس التشريعي او ما يسمى البرلمان وقد تختلف المسميات من دولة الى اخرى. لذلك يبدو من الضروري أن نميز بين السلطة و الدولة التي هي شكل من أشكال التنظيم السياسي الذي تمارسه المؤسسات.

في حين أن السلطة تتجاوز حقل الدولة و تمتد إلى مختلف مجالات الوجود الإنساني، فنحن نتحدث مثلا عن سلطة شخص وآخر لا يتشابهون في العمل... و هذا يعني أن الدولة لا تجسّد كل أنواع السلطة في المجتمع، لذلك يرى بعض العلماء أن السلطة باعتبارها ممارسة، لا يمكن أن تتحدد انطلاقا من تحليل أجهزة الدولة، السلطة مبثوثة في كل مكان و ا تتحدد إلا باعتبارها موضوع صراع : صراع من أجل السلطة، وتسميتها عند البعض بالمنافسة من أجل السلطة، وصراع من اجل الاستحواذ على السلطة، ويمكن تسميتها صراع ارتهان السلطة.

 ومثل هذه الأجواء يمكن للسلطة ان تنهار بلحظة صراعية، تؤدي الى تفتت هذه الدولة ذاتها،هنالك من يغالي بهذا المفهوم، حيث يرى انه حتى لو انهارت الدولة لا تنهار سلطتها بقدر تعالى هذه السلطة، بقدر ارتهان الحركية المجتمعية، بما فيها من صراعات سلمية او حتى عنفية. و فيها من مصالح متضاربة، وطبقات ومراكز قوى.

وهيئة مجتمع مدني محكومة بمستوى سياسي، تتكامل معه احيانا للهيمنة والسيطرة ، وليس لحركة شعوب تلك السلطة أي دور في هذا التأسيس. بل عبارة عن علاقة العائلات المسيطرة مع البعض مباشر دون وسيط. دون ارضية تاريخية ما وهي فقط بصدد إثبات ان هذه السلطات ،الحزبية والقومية والطائفية و الفردية والعائلية في الممالك والامارات هي صاحبة الحق المطلق كما هو في العراق اليوم حيث الاحزاب الكبيرة مسيطرة تماما على المشهد السياسي فلهذا لا تفكر اليوم إلأ بالسلطة " رجل السلطة لا يعرف ولا يستطيع قول الحقيقة كما هي، في رهان على استغباء والاستخفاف بعقول الناس.

ولذلك ينساق في تواصله مع الجمهور على نمط من "خطاب لا معنى فيه” وخطاب ملتوي ومخفل”، الذي لا يُقدم ولا يؤخر في إيصال ما يريد قوله، بل ويعطي صورة عكسية أو صورة تشكك بما يقول" وكيفية تقسيم المسؤوليات والمناصب كما نلاحظه بعد الانتخابات الاخيرة حيث تتحرك الكتل والائتلافات  في الوقت الحالي للركض وراء كسب المناصب قبل التفكير في اعداد سياسية مستقبلية لادارة الدولة والتي لم نلاحظها خلال السنوات الماضية ، بعد أن اشتراها البعض من دم العراقيين بالفساد والسرقات واستغلال المناصب لصالح مجموعاتهم ويصبح مباح بيدهم كيف ما يشاؤون ، وكل السلطات محصورة في مكان واحد.

 ولا صلاحية للسلطة التشريعية او التنفيذية او القضائية فيما يتعلق بالقضايا الكبرى والهامة إلا بالتوافق فقط وتوزيع المغانم والأرباح بينهم وهو نظام يسري على كل مستويات الإدارة والحكم وكل قطاعات الإنتاج الحكومي. بالإضافة إلى كل ما له علاقة بالإعماروالتعويضات والمشاريع الخدماتية ، و لذا يصبح الحديث عن فصل السلطات في هذه الحالة لا معنى له،لا شك في أن هناك فرقاً ما بين مفهوم الدولة ومفهوم السلطة.

إلا ان هذا الفرق لا يعني أن العلاقة القائمة بين الطرفين تملك مناعة خاصة ضد الازدواجية. السلطة السياسية التي تقود الدولة في فترة زمنية محددة في كثير من الانظمة او في فترة زمنية غير محددة وخاصة في الانظمة التي تعتمد على المحاصصة ، بإمكانها أن تستبيح مؤسسات الدولة كلما ارتفع منسوب الفساد في تلك الدولة.

والضرر الأكبر يقع على عاتق المواطن والدولة تصبح هشة وفاشلة ومباحة بما يشمل المؤسسات العامة ومسؤول تطبيق القانون وتأمين احتياجات المواطنين بمعزل عن اتجاهات السلطة السياسية الحاكمة.

هذه العلاقة تتحول الى علاقة صراعية عدائية بين السلطة والجماهير ، فالمواطن الذي يرى الدولة مستباحة من قبل الطبقة السياسية ـ التي تتفنن في ابتكار أساليب النهب الشرعي وغير الشرعي، يشعر بالظلم واللاعدالة والكراهية تجاه دولته.

 لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد ،السلطة التي تتخلى عن واجباتها الأساسية تجاه مواطنيها تطالبهم بأن يفعلوا ما لاتفعله هي تجاههم حتما سوف تكون نهايتها مؤلمة، وعندما يحدث خلل ما في العلاقة بين الطرفين تتحمل المسؤولية بالدرجة الأولى سلطة الدولة باعتبارها انها وُجدت من اجل القيام بوظائفها المحددة لها في القانون والدستور ولكن لم تستجيب لأصواتهم في تحقيق أمانيهم ولو بالحد الادنى.

ـــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك