المقالات

 (بطل العروبة) في حفرة الجرذان

1207 2021-12-14

د.عطور الموسوي ||

 

سقطت الأصنام وتهاوت تباعا، وتناثرت صوره كرماد في يوم عاصف، وصار مشهد المواطن ابو تحسين وهو يضرب صورته بنعل ويعبر عن غضب العراقيين بلهجته العفوية "سبوتا" اعلانيا يتصدر مقدمات نشرات الأخبار سقوط الطاغية صدام حلما راود العراقيين لثلاثة عقود ونيف منها عقدان مريران مخضبان بدماء الابرياء في ساحات الحروب المتتالية وفي دهاليز التعذيب الوحشي وعند مشانق الاعدام، صدام مولع بالدماء هكذا عرفناه، وأوهم البعض بشجاعته وهو يردد: " يا محلى النصر بعون الله "، وعبارات استعرض بها حملته الايمانية المزيفة : " الله اكبر وليخسأ الخاسئون"

لقلقات لسان صار يسأمها حتى الصغار وأثبت كذب ادعاءاته تلك يوم ترك جيشه نهبا لأعتى جيوش العالم عندما فر مذعورا الى جحر حقير تأباه حتى البهائم، وقبل أن يطوي عام 2003 آخر أيامه تم القاء القبض عليه ليتفاجأ الجميع بهيئته القذرة شعر أشعث ووجه يفتقد لأي من معاني العزة المصطنعة التي استعلى بها على الجميع، اعتقلوه دون أي مقاومة تذكر مع انه في حوزته مسدسا!!

ذهل العراقيون وهم يرونه مكتوف اليدين على يد من خدمهم طويلا ونفذ مخططاتهم دون نقاش وان كانت سببا لموت مئات الالاف من شبابنا وكفاءاتنا دون ان يهتز له نبض من ضمير، بثت شاشات التلفاز لقطات مهينة ومقززة لسيادة ( القائد الضرورة) وهم يتفحصون شعره الذي عشعش فيه القمل، وملابسه القذرة التي تفوح منها عفونة جحره الأظلم تبادر لذهني قول الله سبحانه عن فرعون : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ {يونس:92}

كان جهاز الاستقبال (الستلايت) قد حل ضيفا جديدا في بيوت العراقيين وفيه ميزة ايقاف الفيديو، اوقفناه اكثر من مرة ونحن نتمعن هيئته الحقيقية وفي ذلك عبرٌ كثيرة لمن يريد الاعتبار، تلاشت من الذاكرة صورة قامته الممشوقة وزيه العسكري وحاجباه المرتبان وضحكته المصطنعة ونظرته الحاقدة على كل ذي قيم من خلق الله، نعم تلاشى صوته وهو يدير اجتماعاته مع وزراء لا يملكون من وزاراتهم الا الاسم، وغالبا ما كان ينقل التقرير تصويرا فيديوا دون صوت، وهذا أسلم للكادر الاعلامي كي لا يقع في مطب ترهات الريس التي لم تغييرها عقود توليه السلطة فالإناء ما انفك ينضح ما فيه

يوم 13/12/2003 كان يوما مفرحا للشعب العراقي  وقاطعا للشك ممن يتوقع منهم عودته للسلطة وتكرار مأساة ما بعد الانتفاضة الشعبانية عام 1991 حينما وقع صدام لأمريكا بكل ذلة، فقط ليعاد الى كرسي السلطة ويستمر في قمع العراقيين، وهو الخيار الأنسب للشيطان الأكبر مع صدام المجرب خضوعا وطاعة عمياء

باعتقال جرذ العوجة بدأت مرحلة جديدة من الحكومة الانتقالية في العراق تمثلت بعقد جلسات محاكمة رموز النظام من قبل المحكمة العراقية الجنائية العليا، ويا لها من محاكمة جسدت الديمقراطية أكثر من كل دول العالم، بطريقة خرجت عن أهدافها في ترسيخ العدالة الانتقالية وصارت مصدرا لآلام ذوي الشهداء والمضحين بين عدم حسم جلساتها التي تعدت اكثر من سنتين، وبين المساحة المتاحة لمجرمين قد أبادوا الشعب العراقي مع سبق الاصرار، وبين تحديدهم بعدد 55 فقط وحتى هذا العدد لم يمثل امام المحكمة كله بحجة عدم العثور عليهم وهكذا شاءت الاقدار ان تطغى مظاهر الديمقراطية خارج حدود المألوف في محاكمة جناة قمعوا الانسان وانتهكوا حقوقه طيلة حقبة عهدهم المظلم، وكأن لسان حالنا يقول :

مَلكْنا فكان العَفْو منَّا سَجيَّةً                    فلمَّا ملكْتُمْ سالَ بالدَّمِ أبْطَحُ

وحَلَّلْتُمُ قتلَ الأسارى وطالَما                غَدوْنا عن الأسْرى نَعفُّ ونصفَح

فحسْبُكُمُ هذا التَّفاوتُ بيْنَنا                    وكلُّ إِناءٍ بالذي فيهِ يَنْضَحُ

13/12/2021

8جمادي الثانية 1443

ـــــــــــ

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك