المقالات

رقية.. كيف رأت صنع الله بأبيها؟!


 

أمل هاني الياسري ||

 

·        نساء عاصرنَ الأئمة وعشن أبداً/19

قصيدة موجعة تقضي ليلها بالنحيب، على أبطال قُتلوا غدراً، وطفولة إغتالها لصوص الحرية، ومشاهد فقدان الأحبة، ترسم ملامحها على وجوه الثكالى والإيتام، يتقدمهم الإمام زين العابدين وسيد الساجدين، الذي كان مسؤولاً مع عمته أم المصائب الحوراء زينب (عليهما السلام)،عن موكب الإباء في مسيرته من كربلاء حتى الشام، وهناك تفصيلة بريئة مؤلمة، بنهاية أكثر ألماً تعكس حجم الحزن، والمكابدة، واللوعة، التي تمثلت في دمعة عزيزة الحسين، السيدة رقية (عليها السلام).

خُطى فراشة مرتعبة بدروب الغربة، وجهت الجرح الى الرمح، تشكو قوماً صبوا نار حقدهم عليها، وعلى أهل بيتها بعد أن خُسِفت ضمائرهم، وغابت بصائرهم، عمَنْ أبُعد الرجس عنهم وطُهروا تطهيراً، لكن ما ذنب الصغيرة؟! وحدود شوق رقية تلح بطلب اللقاء، لترى الوجه الشريف، ومع أول شهقة فجر، كانت الولادة والشهادة على حد سواء، فلقد إلتقت ثنايا فم الغريب العطشان (عليه السلام) مع شفاه الطفلة الذابلات، وأُعلنت وفاتها على الثغر الخضيب!

أثارت بكاءات رقية، أجواء حزن كربلائي بلا حدود في ليلة مطر أحمر، فحركت طفولتها المعذبة حياة الناس في الشام، خاصة فيما يتعلق بحقوق طفلة، جُلَّ ما طلبته رؤية والدها وإحتضانه، لكن فلسفة الحقد الأموي لم تتُرجم، إلا بأن ينتهي هذا البكاء والحنين، وفق مزاج الطاغية يزيد عليه اللعنة، فأمر بإحضار رأس والدها المقدس أمامها، بطبق مغطى وهي تعتقد أنه طعام وتقول: لا أريد طعامكم بل أريد والدي، ماذا فعلتم بأبي؟!

صورة مكملة لطفولة مسلوبة الحياة، على يد مصاصي الدماء الأمويين بهتافهم:(لاتبقوا لأهل هذا البيت باقية) ولما سألها اللعين: كيف رأيتِ صنع الله بأبيك؟ ردت جبل الصبر العقيلة(عليها السلام):(والله ما رأيت إلا جميلاً)، وعزيزة الحسين رقية لم تستلم، بل سلّمت أمرها لقضاء الله، قائلة كعمتها الحوراء:(اللهم تقبل هذا القربان)، فأي شيء أجمل من الإنصياع لإرادة الباريء عز وجل، والإلتزام بمشروع الإباء والدماء، الذي أبكى ملائكة السماء؟ فنُحِيت رقية وقد فارقتها الحياة على رأس والدها! 

لولا فاطمة الصغرى، وخولة، ورقية، وسكينة، وحميدة، لضاعت حقوق الطفلة الكربلائية، لكن مواقف هؤلاء الفتيات الهاشميات،كان لهنَّ الدور الرسالي الكبير، وسط الحشود الأموية، وتعرية جرائمهم النكراء بحق الطفولة، أثناء رحلة شاقة عسيرة، فما إزداد هؤلاء السبايا إلا علواً، وسمواً، وكرامة، وإزداد يزيد وأعوانه كرهاً، وإنكساراً، وخسراناً، فقباب بنات الحسين(عليهم السلام) باتت مزارات إسلامية، تطوف حولها المعجزات والبركات، وأنتجنَ نصراً شاملاً، أما قاتليهم فقصورهم خرائب، لن يكون لهم فيها قبر يُذكَر. 

 رقية(عليها السلام) طفلة عاصرت والدها الإمام الحسين(عليه السلام)،وأخيها الإمام زين العابدين(عليه السلام)،وقد نهلت منهما رغم برائتها وصغر سنها، معنى ثورة تحقق النصر بالدم، وأن القوة والكرامة التي إكتسبنَها، مرهونة بمقدار البذل والعطاء، وبدوره سيكون العالم حسينياً بكل زمان ومكان، فطريق الشهادة مؤلم جداً لكنه منتج حتماً، وظاهر الموقف بين الطفلة ورأس أبيها، مشهد مضرج بالدم، لكن الحقيقة غير ذلك مطلقاً، فرسالة رقية واضحة جداً للبشرية، فلقد رأت جمال صنع الله بأبيها!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك