المقالات

الفوضى وغياب الروادع!..

2036 2021-07-22

 

د. جهاد العكيلي * ||

 

لقد سَبقت العراق الكثير من الدول التي نهجت نهجا حضاريا وإنسانيا لتنظيم شؤون الحياة اليومية التي يعيشها المواطن عبر إعتماد القوة الرادعة، وكان الهدف طبعا تقييد سلوك المواطن بضوابط ومعايير أخلاقية وقيم منظمة بقانون ولا تبتعد كثيرا عن نشر منطلقات الخير والفضيلة وإشاعة روح التسامح التي تتشارك كلها مع قوة الردع وفي مقدمتها العُرف الاجتماعي بشقيه العام والمؤسساتي ..

ويقينا أن هذه الدول لم تبلغ مرحلة التحضر هذا لولا إعتمادها ذلك النهج الذي أفضى بالنهاية الى ترسيخ مبادئ وقيم العطاء الانساني بأرقى صُوره ومنها تنشئة الانسان تنشئة حسنة في جميع مراحل حياته وتقويمه تقويما صحيحا كي يحافظ بالتآزر والتعاضد مع الانظمة القائمة في هذه الدول مقابل أن تُصان حقوقه المشروعة ومنها حقه في الحياة للعيش بإمن وسلام ..

وفي العراق، الذي سبق بحضارته وقوانينه وعمقه الانساني هذه الدول بألآف السنين، غابت عنه للأسف أهمية الردع بمختلف صنوفها سواء أكان هذا الردع تشريعيا منصوص عليه بقانون حازم تترتب عليه أصول وضوابط أم كان رادعا إجتماعيا أخلاقيا وإنسانيا يدخل فيه الدين والقيم والاعراف الاجتماعية التي كانت تعمل به القبيلة والمجتمع معا، وطبقا لكل ذلك كانت شؤون الحياة تُدار بطريقة سلسة لا سيما وإنها كانت تستند ايضا الى نظام اجتماعي يتخذ من التعايش السلمي والتآلف طريقا واضحا يقترن بِحب المواطن للوطن مهما يكن نوعه وإنتماءه، غير أن واقعنا المعاش اليوم يؤشر لنا عكس ذلك! فما السبب يا ترى!..

إن ما هو موجود، وما هو مُتداول في شرائعنا ودساتيرنا، التي  تحث على الاستقامة والأمانة وحفظ المال العام والاخلاص في العمل وغيرها الكثير التي تدخل في قائمة الروادع التي تردع الإنسان من الانحراف والتمسك بمخافة الله والخشية منه جلت قدرته، واضحة ولا لبس فيها لكن واقع الحال يؤشر غير ما قلناه وما أشرنا، فالفساد صار مستشريا وضرب بأطنابه مفاصل الحياة المادية والأخلاقية، والهيمنة على اموال وممتلكات الدولة التي هي ملك للشعب صار يتم التصرف بها وكأنها ضيعة وجدت لمجموعات يتصرفون بها كيفما يشاؤون من دون وازع ضمير وتم تعطيل القانون على وفق اهواء أفراد إستأثروا  بكل شيء ومنه سرقة موارد الدولة العينية والمالية والعبث بها من دون أن يوقفها رادع قانوني او إجتماعي .. 

إن ما يحصل في عراقنا المتحضر هي الفوضى بعينها التي عمت مرافق الدولة والمجتمع والتي لا يوجد لها مثيلا عند الشعوب الاخرى ودولها ، وإن وجدت في بعض الدول فهي لا تصل إلى حد المقارنة مع وضع العراق القائم الذي تتسيده أيضا جرائم منظمة وتدهور الواقع التعليمي والصحي والخدمي الناجمة قطعا عن إنعدام تطبيق القانون وعدم الالتزام بالروادع الذاتية التي تسير المجتمع والحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي ..

من هنا فإن على الجميع مِمن هم في موقع المسؤولية، بدءً من أعلى سُلم للدولة، وإنتهاءً بوجهاء المجتمع من رجال دين وشيوخ أن يحثوا الحكومة بأهمية الالتزام بتطبيق القانون ومحاسبة كل من يخرج عن نظام الروادع للإخلال بسلوك المجتمع، ومحاسبة كل جهة  مسؤولة ينتمي لها أفراد يقترفون السرقة وإرتكاب الجرائم المنظمة بحق المجتمع ، وإبعادها عن دورها الضار في المجتمع سواء كان لها دور سياسي مهني ديني او إجتماعي حتى تنجلي الحقائق وتوفير الفرص  للشعب بأن ينهض بنفسه من جديد حتى لا تكون البلاد بيد من يعبث بها وبأمنها مثلما تشاء مصالحهم هؤلاء الافراد الضيقة التي صارت تعصف بالمجتمع وتهزّ أركانه وأسسه ما قد تقوده لطريق مسدود قد يضطر في لحظة ما لفتحه لإقامة الامن والعدل والسلام والاستقرار التي هي من أهم أماني وأحلام العراقيين ..

 

/ *كاتب عراقي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك