المقالات

بريطانيا..حسابات العالم الجديد!..

1048 2021-06-17

 

د. جهاد العكيلي *||

 

من يتأمل الخارطة العالمية على امتداد التوزيع الدولي، سيجد تلك النقاط الحمراء التي تؤشر له بسهولة كيفية اضطراب الوضع الجيوسياسي بشكل خارج عن المألوف خلال العامين الماضيين، وهو أمر تزامن على وجه الدقة مع تسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في الصين في منتصف ايلول من العام 2019 ليجتاح هذا الكوفيد الخارطة الدولية برمتها حتى بدا وكأنه مصارع عنيد وزع ظلمه على الخارطة العالمية من دون تفريق او تمييز بين دولة وأخرى ..

والامر اللافت للنظر ان هذا المصارع العنيد لم يحتل أرضا ولم يسرق شعبا ومنها سرقة المال والثروات الطبيعية، ولا يزال يتحرك بقوة بمجال جوي حيوي متاح له  على الخارطة العالمية  من دون أن يستند او يعقد احلاف دولية او تحالفات استراتيجية ..

بمعنى آخر انه حلف كورونا لوحده ولا علاقة له بالأحلاف التي تتسيد الخارطة العالمية  كحلف الناتو العسكري الذي تشكل منذ العام 1949من الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وبريطانيا وتوابعها للدفاع عن مصالحها في عموم الخارطة العالمية ، والذي ترنح امامه حلف وارشو الذي كان يتزعمه الاتحاد السوفيتي آنذاك، ليؤول مصيره الى دول متفككة ومنها روسيا حاليا التي تحاول الان تمديد اذرعها  لقوى بديلة اخري لمواجهة العالم القديم الجديد الذي يصوغه على الخارطة العالمية حلف الناتو وهذه المرة بقياد امريكية وبريطانية مع انحسار تراجعي واضح للدور الفرنسي فيما تشترك امريكا علنا مع بريطانيا بدبلوماسية ناعمة بتقاسم مصالحها على الخارطة العالمية وهما الدولتان المتحدتان في كل الازمان والظروف ، تقابلهما الصين وروسيا اللتين تحاولان مد يديهما على المائدة العالمية  لتأخذان من الدول حسبما ما تريدانه من خلال تعزيز نفوذهما الاقتصادي والسياسي ..

ويمكن تلمس ذلك من خلال تكثيف التواجد الروسي على سواحل البحر المتوسط وتمدد الطموحات الصينة عبر اتفاقاتها الاقتصادية مع دول عدة متوزعة على الخارطة العالمية ومنها إيران والهند على سبيل المثال، ما ادى الى تغيير ملامح اللعبة في منطقة الشرق بالرغم من وجود بؤر نزاع في دول هذه المنطقة ومنه التوتر الهندي ــ الباكستاني والتوترات في القارة الافريقية على المستويين العربي ولأفاريقي ومنه الصراع السوداني المصري مع اثيوبيا حول السدود التي تقيمها الاخيرة على نهر النيل ..  

وفي هذا السياق الجيوسياسي انفردت بريطانيا بإنتهاج سياسة ناعمة تعتمد الذكاء الدبلوماسي من خلال إعادة جدولة حساباتها في مناطق العالم لمواجهة المارد الصيني المسند روسياَ ، فعمدت على زيادة ميزانيتها العسكرية في المجال النووي وتزعمها مع الدول السبع ضد الزحف الصيني في بقع مهمة واستراتيجية بالاستناد الى حساباتها السياسية والعسكرية وأهمها العراق ..

ولعلي لا اجافي الحقيقة ان قلت ان هذا التنافس المحموم بين دول حلف الناتو والصين وروسيا وما يتبعه من التحكم في الخارطة العالمية قد يكون مقدمة لوقوع تصادمات سريعة لتحييد الناتو للدور الروسي ـ الصيني المعزز بدور ايراني من العيار الثقيل البائن دوره على اشده في دول ساخنة كالعراق وسوريا واليمن، وهي مناطق لا يمكن ان يفرط بها حلف الناتو على الاطلاق ..

أمام هذه المشاهد ومنها مشهد المصارع العنيد كوفيد الذي وحَّد صفوف الأعداء والاصدقاء معا وانزَّل فيهم الكوارث، لا يزال حلف الناتو المزمن يمسك بزمام الصراع في قلب العالم ضمن اجندة جديدة لا زالت أمريكا وبريطانيا تدعوان دول الحلف التي تجاوز عددها الثلاثين دولة على قاعدة ان الحلف سيظل ظالما  لا عادلا ، وهذا هو منطق القوة بعينه التي تفرضه تلك الدول لفرض هيمنها وجبروتها على  دول المنطقة ..

وبلا شك ان  الغطاء الروسي ــ الصيني للنقاط الحمراء الساخنة في الشرق الاوسط تحديدا سيظل يشكل مصدر قلق كبير للناتو، حتى تحجيم طموحات الصين الاقتصادية ذلك ان دول الناتو تجد في الطموح الصيني هذا يشكل تهديدا لأمنها السياسي والاقتصادي، فهل تنتهي اللعبة في هذا الإطار بالتصادم المتوقع، أم ان الحوار والدبلوماسية سيأخذان دورهما على الطريقة البريطانية لتجنب التصادم لصناعة عالم جديد ينعم بالأمن والاستقرار!..

 

*/ كاتب عراقي

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك