المقالات

إيران..والمهمة الإنكليزية!..

1342 2021-05-19

 

 د. جهاد العكيلي *||

 

اثبتت الحكومة البريطانية وعبر تاريخها الطويل في سياستها الخارجية، بأنها الاكثر دراية وحنكة لقراءة الأحداث والتعامل معها في ادارة الازمات الدولية، وأنها لم تسجل تراجعا في مواقفها ازاء مجمل القضايا المتعلقة بخارطتها السياسية المرسومة في معظم دول العالم ، وخصوصا اذا ما صممت وبدقة لأهدافها الجيوسياسية في الشرق الاوسط، فهي التي تصنع الأحداث وتحدد فيها ادوارا عديدة بما يتلاءم ومصالحها او نفوذها السياسي بشكل هادئ لا يثير الريب في مواقفها هذه .. 

وهذا الاسلوب درجت عليه الحكومة البريطانية في بناء سمعتها السياسية والدبلوماسية ، وما ذلك الا نتاج لخبراتها المتراكمة وامتلاكها المعلومات الكافية لتاريخ وأنماط السلوك الجمعي في شؤون السياسة وتاريخ شعوب دول المنطقة ، وهذا ما سهل لها لان تمسك عصاها من خلف ظهرها وتوجهها حيثما ما تريد لتحريك المواقف والاتجاهات ازاء ما يخدم سياستها المرسومة في الشرق الاوسط ..

وحين كتب جاك سترو وزير خارجية بريطانيا الاسبق كتابه الموسوم (المهمة الإنكليزية) English job)) أشار فيه إن بريطانيا قاومت ضغوطا كبيرة من جانب الادارة الامريكية للانضمام اليها في إعادة العقوبات الاقتصادية على إيران عام ٢٠١٨ ، ويأتي هذا بخلاف تصورات الحكومة البريطانية في تعاملها مع الملف الإيراني المبني على عوامل داخلية تخص الشأن السياسي المتمثل بين قوى السلطة في ايران ..  

ويشير جاك سترو في كتابه ان حكومة الرئيس الأمريكي السابق ترامب عقدت المشهد السياسي بين إيران والغرب مما ساعد على خلق هوة واسعة في السياسة عبر الأطلسي وذلك بسبب الأسلوب الذي اتبعه ترامب بصوته العالي واستخدامه العصا القصيرة، ويعد هذا خلافا لما اتبعه أسلافه من السياسيين الذين يتحدثون بلطف غير انهم يستخدمون العصا الغليظة ..  ويقول جاك سترو ان المباحثات النووية بين الغرب وايران بدأت في العام ٢٠٠٣ واستغرقت ١٢ عاما ، وفي هذه المدة ارتفع عدد اجهزة الطرد المركزي لدى ايران من ٢٠٠ جهاز الى ١٩ ألف ، وهذا ما عقد المشهد السياسي في عملية التفاوض النووي ، وفي الوقت نفسه ان القيادة الايرانية تعاني من حالة عدم الشعور بالأمان شخصيا ومؤسساتيا من الدور الامريكي في العملية التفاوضية ..

ويؤكد جاك سترو في كتابه ان مستقبل ايران غير واضح ، ولكنه كان متأكدا من شيء واحد الا وهو ان ما يحصل في ايران من تحرك داخلي سيكون الجزء كبير منه متأثرا بكيفية تعامل العالم الخارجي مع ايران ، وهي نظرة بريطانية بحتة في تفكيك قوى الدولة وكسب الاغلبية لمصالحها وفقا لمعادلة سياسية بين القوي التي يراهن عليها الغرب وفق مبدء كلما زادت اشارة الاصلاحيين للمنافع التي يمكن ان تجنيها ايران من التعاون مع المجتمع الدولي فسيكونوا أكثر قوة وستتراجع قدرة المحافظين على اقناع من يتبعهم ..

وبهذا المفهوم  يتم ضرب الحزام الناسف الذي طوق الغرب به إيران لتغير تركيبة النظام السياسي  بالرغم من ان ايران قاومت وبشدة كافة الضغوطات ومنها مواقف ترامب، وتمكنت   إلى حد ما تحيد الموقف الامريكي المتشدد ازاءها في المحور الغربي لدفع المفاوضات إلى مرونة اكثر لصالح إيران .. 

/ *كاتب عراقي 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك