المقالات

البابا والسيستاني في  رحاب الانسانية


 

محمد عبد الجبار الشبوط ||

 

لا يمكن لأي لقاء بين اكبر مرجعيتين مسيحية كاثوليكية واسلامية شيعية الا ان يكون ذا دلالة رمزية وحضارية بكثافة عالية جدا.

لا جدال ان بين الطرفين ذكريات تاريخية مؤلمة وخلافات دينية عميقة.

تاريخيا، تشير الوثائق المسيحية القديمة الى حجم الالم الذي شعر به رجال الكنيسة القدماء وهم يشاهدون العرب "المحمديين" وهم يكتسحون المواقع المسيحية في الشرق الاوسط بعد وفاة الرسول محمد (ص).

ويتذكر المسلمون بالم مأسي الحروب الصليبية التي اشعل شرارتها احد البابوات السابقين واستمرت زهاء ٢٠٠ سنة نزفت خلالها البشرية الكثير من الدم.

ودينيا، تبقى المسافة كبيرة بين تصور المسيحيين والمسلمين لهوية نبي الطرف الاخر كبيرة و يبقى الخلاف جوهريا. فالمسيحيون يرون عيسى ابن الله، والمسلمون يرونه نبيا من انبياء الله.

لكن لا الذكريات التاريخية المؤلمة ولا الخلافات اللاهوتية العميقة تنفع في بناء عالم خال من المعاناة والحروب والفقر وسفك الدماء.

ولذا، حين التقى الزعيمان الروحيان لم يعاتب احدهما الاخر عما قام به اسلافهما، ولم يتوقفا عند خلافاتهما الدينية، وانما فتحا خريطة العالم، واجالا النظر في ما يعانيه الانسان في لحظته الراهنة.

ولهذا "دار الحديث - كما ورد في بيان مكتب السيستاني- خلال اللقاء حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الانسانية في هذا العصر ودور الايمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها".

وفي هذا السياق تحدث السيستاني "عما يعانيه الكثيرون في مختلف البلدان من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الاساسية وغياب العدالة الاجتماعية، وخصوصا ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة."

فرد عليه البابا بالصلاة إلى "الله، خالق الجميع، من أجل مستقبل يسوده السلام والأخوة لأرض العراق الحبيبة والشرق الأوسط والعالم أجمع."

ومن نقطة الاتفاق هذه يتحدد دور و مسؤولية "الزعامات الدينية والروحية الكبيرة، كما قال السيستاني،  في الحد من هذه المآسي، وما هو المؤمل منها من حثّ الأطراف المعنيّة ـ  ولا سيما في القوى العظمى ـ على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب، وعدم التوسع في رعاية مصالحهم الذاتية على حساب حقوق الشعوب في العيش بحرية وكرامة" مؤكدا "على أهمية تضافر الجهود لتثبيت قيم التآلف والتعايش السلمي والتضامن الانساني في كل المجتمعات، مبنياً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين أتباع مختلف الاديان والاتجاهات الفكرية."

فيما  "شدد الأب الأقدس على أهمية التعاون والصداقة بين الطوائف الدينية حتى نتمكن، من خلال تنمية الاحترام المتبادل والحوار من المساهمة في خير العراق والمنطقة للبشرية جمعاء".

وتؤكد هذه التوجهات الدور الايجابي الذي يمكن ان يقوم به الدين في احلال السلام في المجتمع الانساني، وبين المجموعات الانسانية، اذا تبنى الزعماء الروحانيون هذه التوجهات، وتطوى الى الابد صفحة النزاعات والحروب التي قامت بسبب الاختلافات الدينية، ولا اقول التي سببها الدين. وهذا امر ممكن ان خرجت البشرية من دائرة الخلافات الدينية واللاهوتية وانطلقت في فضاء القيم الانسانية العليا التي في مقدمتها قدسية الحياة والسلام والتعايش والحوار وحب الخير للجميع.

يستطيع اتباع كل دين ان يباهوا الاخرين بان دينهم يدعو الى هذه القيم، ويؤمن بها، ولا نقاش في هذا، لكن الاهم من ذلك هو ان يجسد هؤلاء الاتباع في ممارساتهم العملية تلك القيم التي يدّعون ان اديانهم تؤمن بها. وعنذاك، ينفتح الطريق الموصل فعلا الى السعادة والتنمية على مختلف الاصعدة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك