المقالات

من هم الجوكرية وماذا فعلوا ؟!


 

عمار محمد طيب العراقي||

 

بعد الزوال الدراماتيكي لنظام قهر شمولي أستمر أربعين عاما، شهد الحراك السياسي العراقي؛ كثير من التحولات والاصطفافات، هذه التحولات التي تشتمل على كثير من الإنزياحات السلبية والإيجابية معا، كانت طبيعية وفي سياق حركة التأريخ، فضلا عن أنها تعد سمات وخصائص دائمة للعمل السياسي، كونه نشاط فاعل متحرك متحول.

نحن متعايشين تقريبا مع التحولات السياسية، وسنشهد مزيد منها دوما، وهي لا تثير المخاوف ولا تدهش المراقب، لأنه لا يمكن الوثوق بوصفة سياسية بعينها، كدواء لعلاج الازمات والمشكلات التي نواجهها، والتي تتناسل بعضها من بعض؛ بإضطراد عجيب في كل وقت وحين، لكن وفي نهاية عملية البحث في رؤوسنا عن إجابات نقبلها، سنتوصل الى قناعات سنتعاطاها بأريحية، وهي أن التجربة دلت، على  ان لكل مرحلة وصفتها الخاصة بها، بسبب تغير المفاعيل والفاعلين السياسيين.

المحصلة؛ هي ان الفاعل السياسي؛ لا يستطيع مهما اوتي من جبروت ووجود على الساحة، أن يكرر نفسه، ليس لأسباب ذاتية فقط، بل لأن الأحداث غالبا ما تكون أكبر منه؛ ومن وجوده الواقعي على الأرض..

مرت بنا خلال الأعوام الثمانية عشر المنصرمة، حركات وقوى سياسية؛ عملت في مختلف الساحات العراقية والمكونات المجتمعية، لكن وعند قراءة المنجز التاريخي للفاعل  السياسي، نجده رهين وقته ومحدداته وأشتراطاته..فثمة احزاب كبرى أفلت، ولم يتبق منها إلا الإسم أو ذكريات أسم، أما الرسم فهو في طريقه لأن يدخل الذاكرة التأريخية، وبعضها نساه التاريخ!

هذا الواقع لا يمكن إسقاطه على الفاعل الثقافي، فهو وإن كان مرتبطا بأزمانه ومعبرا عنها، إلا أن مساحاته الزمكانية أكثر إتساعا، وفي أحيان كثيرة؛ وخصوصا ما يتعلق بالمنجز الإبداعي، يكون معبرا عن كل العصور، فالمنجز الثقافي يقاوم الزمن ويفرض افاضاته الحضارية، ولذلك ما نزال نقرأ بشغف، لطرفة بن العبد ولبيد والمتنبي والجواهري وبدر شاكر السياب، مع انهم جميعا باتوا تحت التراب.

على صعيد الواقع، يتعين أن نعترف أن تحولات وطنية كبرى؛ شهدها العراق بعد سقوط نظام الطغيان البعثي، لكن بعضنا لا يمتلك قدرات الإحساس والتفاعل مع التحولات، أو لا يريد الإعتراف بحصولها، لأنه لم يجد نفسه فيها، إلا أن هذه التحولات ومهما كانت بطيئة ومتلكئة، فإنها حقيقة ساطعة، تلقي بتأثيرها التغييري؛ على بنية المجتمع العراقي بشكل فاعل، ويبدو ذلك جليا؛ في مأكلنا وملبسنا ومساكننا وتصرفاتنا، وما طرأ من تغيير على المستويات الاقتصادية لحياتنا.

في قبالة هذا التغيير الذي احسبه كبيرا، وإن كان معظمه قشريا، لكننا لم نشهد تحولا ثقافيا إيجابيا، يتناسب بحجمه ووجوده؛ مع حجم تلك التحولات، إذ كان مأمولا أن يتبع الارتفاع في مستويات المعيشة، بروز حاجات ثقافية جديدة، تلقي بظلالها على المسار السياسي، وتفرض أطرا إبداعية ومفردات مبتكرة، تعبر بمصداقية عالية عن ملامح المرحلة التي نعيشها.

إذا كان مفترضا بنا، أن ندشن لمرحلة جديدة في التعاطي السياسي، المُعَشق بوجود ثقافي فاعل مبدع، فإن ما نشهده من رداءة المنتج السياسي، ومن تردي في العلاقات السياسية، وتصاعد التنابز السياسي، واشاعة الخطاب التجريحي المتشنح، هو نتاج طبيعي لتخلف الثقافة عن السياسة.  

اجواؤنا اليوم مشبعة بكثير من الضجيج السياسي، يصنعه سياسيين مدمنون على التنابز والتخديش، لأنهم مصابون بمرض العوز الثقافي المزمن.

أجواؤنا اليوم ملبدة بالنتانة والجهل، رؤوس كثير من شبابنا فارغة من القيم، كثير منهم يهتم بصعود شعر رأسه الى الأعلى وبأي وسيلة، حتى لو بإستخدام رغوة الباميا، دون أن يعير بالا لما يجب ان يكون في هذا الرأس، من فكر وقيم وثوابت و ثقافة وعقائد وأخلاق!

التنمية كانت لدينا طيلة هذا الزمن المفقود، كانت بإتجاه عملية تجهيل المجتمع العراقي، وإفراغه من محتواه الثقافي..جهدا كبير منظما منسقا مخطط له بعناية فائقة، قد بذل من قبل الفاعل الأمريكي، وكان أدعياء الثقافة من اليسار العراقي وحثالات من المدنيين؛ أدوات فاعلة فيه، زاد طينتهم بلة ابناء البغايا من بقايا البعث..هؤلاء هم من يطلق عليهم مصطلح الجوكرية..!

 

شكرا

29/11/2020

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك