المقالات

حوار في المشهد التنموي..


عبدالزهرة محمد الهنداوي   مباشرة ومن دون مقدمات، لماذا لم يشهد العراق، على مدى ١٧ عاما مضت، نهوضا تنمويا، يتناسب مع امكاناته؟ أين يكمن الخلل؟ في النظام السياسي ام الاقتصادي، ام ان هناك اسبابا أخرى وراء عدم النهوض هذا؟ وهذه التساؤلات تحيلنا إلى  جملة من المعطيات، ومن بين المعطيات المهمة، ارتفاع متوسط دخل الفرد العراقي السنوي، من ٣٠٠ دولار قبل عام ٢٠٠٣ الى  ٦٥٠٠ دولار، بعد التغيير. متأثرا بارتفاع متوسط رواتب موظفي الدولة من ٣ آلاف دينار قبل عام ٢٠٠٣ ألى ٥٠٠ الف دينار  بعد التغيير، ومن هذه النافذة، يمكن الولوج إلى تفكيك المشكلة في العراق  عبر تقسيمها إلى مقطعين.. الاول، ان ما نسبته ٧٠٪؜  من الايرادات النفطية تذهب الى الجانب التشغيلي، الذي تستحوذ  فيه رواتب موظفي الدولة على نحو ٥٠ مليار دولار سنويا تنزل الى جيوب الناس، وهي كتلة نقدية هائلة انعكست بنحو واضح على مستوى معيشة الفرد، ولكنها في ذات الوقت احدثت خللا بنيويا في التنمية، فعلى الرغم من  ضخامة الإيرادات النفطية، الا ان البلد لم يشهد نموا حقيقيا طيلة السنوات الماضية، والمشكلة ان اعداد موظفي الدولة في تزايد، وحجم الانفاق هو الاخر في تزايد، وبالتالي استمرار المشهد على هذا الحال، يعني المزيد من التدهور في الجانب التنموي، لان الدولة ستبقى دائما حائرة في كيفية سداد مرتبات موظفيها لاسيما في الأزمات، ( الازمة الراهنة انموذجا) والمشكلة الأخرى المرتبطة بهذا المقطع، هي ان اكثر من ٥٠٪؜ من هذه الكتلة النقدية يذهب إلى الخارج لأغراض استيراد متطلبات الحياة( مأكل وملبس ودواء وغيرها)، وهذا  اثر سلبا على الصناعة المحلية . اما الشق الثاني، فيتمثل بالـ(٣٠٪؜) المتبقية من الايرادات، والمخصصة للجانب الاستثماري الحكومي،  الذي واجه الكثير من المشكلات، واول هذه المشكلات،  هي مشكلة الفساد،  الذي عصف بالكثير من الجهود، والمشكلة الثانية تتمثل بالاضطراب الامني  والمالي وعدم الاستقرار السياسي، ففي الجانب الامني مثلا، في عام ٢٠١٤ تسبب داعش  الارهابي بتدمير الكثير من المشاريع التي كانت على قيد التنفيذ او الموجودة أصلا في قطاعات مختلفة، وقُدرت الاضرار بحوالي ١٠٠ مليار دولار ، وفي الجانب المالي، فقد الجأت الازمة المالية التي شهدها العراق في النصف الثاني من عام ٢٠١٤ وما تلاها، الحكومة الى اتخاذ قرار بابقاف اكثر من ٦ الاف مشروع كانت على قيد التنفيذ، كان  انفق عليها نحو ١٠٠ مليار دولار، ولو قُدر لها ان تنجز لتغيرت الكثير من حوارات المشهد التنموي، وفي الجانب السياسي، فقد كان للخلافات السياسية،  ظلالا سلبية على واقع المشاريع الاستثمارية، ما ادى الى عدم تنفيذ بعضها وتلكؤ البعض الاخر.. ولكن على الرغم من كل ذلك فقد أنجزت الكثير من المشاريع المهمة ، في التعليم والخدمات(الماء والمجاري) والطرق والجسور وغير ذلك. وتأسيسا على ما مضى من القول، فأن الحديث عن تحقيق أهداف التنمية، مع بقاء ذات التحديات،  لن تكون  له اي مساحة او صدى في ارض الواقع.. إذن مالحل؟ الحل يكمن في عدة مسارات، الأول إطلاق يد القطاع الخاص، مع توفير جميع الظروف التي تتطلبها عملية إطلاق اليد هذه، وبأسرع وقت، وبضمن هذا التوجه، ينبغي الاهتمام بالمشاريع الشبابية، لاسيما المشاريع الزراعية والصناعات التحويلية، وبضمنه أيضا، ضرورة مشاركة القطاع الخاص في إكمال المشاريع الحكومية المتوقفة، وهي كثيرة ومهمة جدا.. أما المسار الثاني، فيتمثل بإطلاق الاستثمار الأجنبي في العراق، وفق منظومة قوانين تتماشي مع تطور الأساليب الاستثمارية، وهنا بالإمكان أيضا وبعد دراسة جدوى الفكرة، تشغيل المصانع والمعامل والشركات الحكومية ، عبر مبدأ الشراكة او الخصخصة بنحو كامل وفق شروط مدروسة. وبذات الأسلوب (المشاركة) في إنجاز المشاريع المتوقفة. وثمة مسار ثالث، يذهب باتجاه، السيطرة وضبط موارد الدولة الكثيرة، ومنها مثلا المنافذ الحدودية  والجمارك والضريبة وغيرها ، وقبل هذا وذاك، ومن اجل تحقيق هذا وغيره، فان الأمر يتطلب استقرارا امنيا وسياسيا، وتجفيف منابع الفساد، وبذلك فقط يمكن ان نتحدث عن اخراج التنمية من ركام حطامها، والانطلاق في مسارات نهضوية حقيقية..
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك