المقالات

العتبات المقدسة ومشاريع تسابق الزمن ..   

1449 2020-04-15

حسين فرحان

 

مع انشغال العالم بكبح جماح وباء كورونا، ومع ارتفاع نسبة الأصابات في أرجاء المعمورة ومع تصاعد نسبة الوفيات جراء هذه الأصابات، وأمام ذهول ومخاوف المؤسسات الصحية في جميع البلدان، واستنفار كل طاقاتها لإيجاد لقاح أو تطوير أساليب المواجهة المتاحة لذلك، تمارس المؤسسة الصحية العراقية دورها على أكمل وجه في أداء واجبها الأنساني لحماية الشعب من خطر هذا الفيروس القاتل، فتجلت بصدق تلك الروح المقاتلة لدى كوادرها وبهيئة تستحق أن يقف لها أبناء هذا الوطن إجلالا وإكبارا .

الجانب الصحي في العراق يعد واحدا من الجوانب الخدمية الكثيرة التي لم تحظ باهتمام الجهات الحكومية طيلة عقد ونصف العقد من الزمن، وهي نتيجة طبيعية لصراعات ونزاعات الطبقة السياسية التي أثبتت فشلها في إدارة البلد بشكل مهني لا يخضع للمحاصصة المقيتة، لتضيع بذلك فرص التقدم والازدهار التي كان المواطن ينشدها بعد أن عانى ولعقود طويلة من حكم الأنظمة الطاغية المستبدة .

المؤسسة الصحية تواجه اليوم تحديات كورونا في ظل وضع سياسي غير مستقر نتيجة مماطلات الطبقة السياسية وتسويفها وعجزها عن التخلي عن مصالحها أمام مطالب جماهيرية غاضبة تدعو للتغيير والاصلاح ..

المؤسسة الصحية اليوم تواجه تحديات كورونا مع منشآت صحية قديمة لا تحتوي على أبسط مقومات العمل الصحي من أماكن للأنعاش والطواريء والأجهزة الطبية الحديثة، بالأضافة الى عدم كفاية هذه المنشآت وملائمتها للواقع السكاني الذي اختلف كثيرا عما كان عليه قبل عقد ونصف من الزمن، وقد شاهدنا كيف عجزت المؤسسات الصحية في بعض دول العالم المتقدمة عن الحد من خطورة الوباء رغم امتلاكها لكل مقومات المواجهة، فالوباء ينتشر بشكل متسارع ولم يكن بحسابات هذه البلدان الاستعداد لجائحة مثل هذه .

المؤسسة الصحية العراقية ورغم كل هذه الظروف المحيطة بها برهنت من خلال كوادرها المجاهدة أنها قادرة على مواجهة الأزمة فسطرت أروع الملاحم الأنسانية في ذلك، وقد سمعنا وشاهدنا تلك المواقف وهي تتجلى في مشهد عراقي جميل لم يترك دون أن تمد له يد العون المادي والمعنوي من أبناء هذا الوطن .. 

المرجعية العليا تصفهم بأروع الوصف وأجمله وتصف عملهم بأنه : " عمل عظيم وجهد لا يُقدّر بثمن، ولعلّه يُقارب في الأهميّة مرابطة المقاتلين الأبطال في الثغور دفاعاً عن البلد وأهله "" .

وتفتي بالتكافل الذي نال المؤسسة الصحية منه الأعانة في مواجهة التحدي، فالتكافل الذي صدحت به الفتوى لم يقف عند حد معين في منح العوائل المتضررة ما يسد حاجتها من مستلزمات بل تعداه الى دعم كبير لمؤسسات الدولة التي هي مؤسسات الشعب في المقام الأول، فكان للمواكب الحسينية دورها  وكان لرجال الحشد دورهم في ذلك أيضا  بالتزامن مع واجباتهم في حماية الحدود والمقدسات .. 

العتبات المقدسة وكعادتها وقفت مواقف مشرفة امتثالا لتوجيهات المرجعية العليا فانطلقت بكوادرها نحو دعم العوائل المتضررة والقيام بعمليات التعقيم والتعفير وتركيز جهدها الاعلامي حول التوعية الصحية وبكل ماتمتلك من إمكانات لذلك، كما بادرت الى دعم الواقع الصحي ورفده بتخصيص مدن الزائرين كأماكن لحجر المصابين، ورفد السوق المحلية بالمطهرات والمعقمات والكمامات ولم تتوقف عند هذا الحد من العطاء حتى شهدت كربلاء إنشاء الردهات العلاجية المخصصة للمصابين بفيروس كورونا، حيث أنشأت العتبة العباسية المقدسة بناية ( ردهة الحياة الثانية ) المكونة من ستين غرفة مجهزة بأحدث المعدات في الوقت الذي أنشأت العتبة الحسينية المقدسة مشروع مركز الشفاء للعناية والطواريء، لتنجز هذه المشاريع في مدة قياسية تعد الأولى من نوعها في العراق هي خمسة عشر يوما لتسلم بعدها الى دائرة صحة كربلاء كدعم للمؤسسة الصحية العراقية، فلم يسبق لجهة حكومية أن سابقت الزمن لأنشاء مشروع معين كما فعلت العتبات المقدسة .

المهم في هذا الأمر هو تلك الرسالة الواضحة التي ينبغي للجميع أن يمعن النظر فيها وهي أن  العراق يمتلك من القدرات والكفاءات ما يجعله قادرا على الابداع ومواجهة التحديات لكن بشرط الاخلاص والنزاهة والشعور الحقيقي بالانتماء لهذه الأرض الطيبة .

.................

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك