المقالات

آمريكا تبحث عن "اندلسة" العراق


 

د. مسعود  ناجي إدريس

 

"الغزو الثقافي" هو نوع من الغزو يتم بشكل خفي وغير مباشر من قبل دولة على دولة اخرى في المجالات الفكرية والثقافية.

لظاهرة "الغزو الثقافي" ابعاد وقضايا معقدة و واسعة.

لا يمكن اعتبار الغزو الثقافي مختصا بالوقت المعاصر، بل ابتليت الكثير من الحضارات بهذه الظاهرة على طوال التاريخ، بما فيها الحضارة الاسلامية.

بالرغم من ان هذه الظاهرة في كل فترة وزمان تبرز بشكل خاص، ولكنها تعمل بنحو ثابت فيما يخص أسسها ومبانيها.

في تلك العصور التي كانت اوربا غارقة في الجهل وعدم الاطلاع، فان الاندلس لوحدها كانت ترفع رایة العلم والتحضر في الغرب، والحضارة التي بناها المسلمون هناك اصبحت منطلق اليقظة والتطور العلمي والذي كالحضارة الشرقية الغنية بشكل محسوس، يمكن مشاهدة اثار الحضارة الاسلامية في ظهور العلماء والفلاسفة والاثار العمرانية والنمو الاقتصادي في جنوب اوربا.

في الواقع فان الثقافة الاسلامية الغنية كانت نامية ومستمرة بالتطور والتوسع في الحضارة الاسلامية الاسبانية المزدهرة، بحيث ان اي شخص كان يستطيع الوصول الى ما يريد الحصول عليه. يمكن القول ان كل اغصان الثقافة البشرية من ادب وفن، قانون وسياسة، فلسفة، طب وعلم احياء، علم نبات ومعادن، كانت مثمرة وفي طور النمو والتوسع، وهذا الغنى الثقافي في الاندلس استطاع نقل الثقافة الاسلامية الى اوروبا وإيجاد مقدمات الحركة الفكرية والصحوة في الغرب.

بعد مشاهدة كل هذه القدرة والعظمة في الاندلس يبرز هذا السؤال وهو ما سبب انهيار الثقافية الاسلامية المزدهرة في الاندلس؟ وماهي اسباب ذلك، والتي يجب البحث عنها؟ بعد البحث والتفحص في المصادر التاريخية يمكن عدّ بعض الاسباب باعتبارها الاضرار الرئيسية والاكثر جدّية في الثقافة والحضارة الاسلامية بالاندلس. الا ان اكثر اصحاب الرأي يتفقون على تاثير الاسباب الثقافية والفساد الاخلاقي اكثر من الاسباب الاخرى.

يعد ان رأى المسيحيون تطور المسلمين في كافة المجالات وشعروا بان هذه التطورات، وقدرة وعظمة المسلمين تشكل خطرا كبيرا على مصالحهم، فسعوا من خلال طرق مختلفة لاجل الصمود امام تطو  المسلمين وليفكروا رويدا رويدا بانهيار وتدمير المجتمع الاسلامي الاندلسي، واستطاعوا تحقيق هدفهم من خلال الغزو الثقافي.

لقد استهدفوا جذر (اساس) المجتمع الاسلامي من اجل تحقيق هدفهم هذا فقاموا باشاعة وتبليغ الافكار والرؤى المسيحية، والحريات المستوردة والغربية (اشاعة الاباحية والخلاعة)، فساقوا الشباب نحو الفساد.

استطاع المسيحيون عبر تبليغ واشاعة الافكار والرؤى المسيحية في سبيل زعزعة عقائد الشباب اضعافهم عن التمسك بالاحكام الشرعية وكذلك  اختراق تعليم وتربية الشباب من خلال اخذ اجازات فتح المدارس المجانية بهدف تعليم الدروس المنحرفة وايجاد الشبهات الدينية والى جانب ذلك توسيع العلاقات التجارية والاقتصادية مع المسلمين، وبذلك هيئوا الارضية المناسبة لترويج الفساد والخلاعة وكذلك لترويج البهرجة بين مسلمي الاندلس، ورويدا رويدا اتجه الناس في الاندلس الى شرب الخمور والتسكع في الاوساط العامة وبنحو علني.

تفشي الفساد على مستوى المجتمع والحكام، منع المسلمين من الالتفات الى صلاح واصلاح وتطور المجتمع، وسلبهم الحميّة والغيرة الدينية، وكل ما كان مهما بالنسبة لهم هو طلب القدرة والتسكع، وكنتيجة لهذا الغزو الثقافي بدأت المدن الاسلامية تسقط بيد الاعداء الواحدة تلو الاخرى.

مع ازدياد طلب البهرجة والفساد الاخلاقي في المجتمع الاندلسي، انخفض الحماس الديني انتشرت موجة من التشكيك والترديد في عقيدة الناس الدينية، والى جانبها ظهرت فرقة تقول ان كل كا يرتبط بالدين باطل، وكانوا يسخرون من الاحكام الدينية كالصلاة والصيام والحج والزكاة.

الاستنتاج

ما يحدث اليوم في العراق اشبه ما يكون بالانقلاب الثقافي والحرب الناعمة للصهيونية العالمية، التي تخطط لعقد او اكثر من الزمن لاسقاط وحرف الجيل الشاب من بناة المستقبل، عن طريق الفضاء الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي. وتعمل على انتاج ونشر وترويج الشبهات في ابعادها المختلفة، ترويج الاباحية والخلاعة، ترويج الافكار الالحادية والمناهضة (المناوئة) للدين،  تاييد ومساعدة الفرق الضالة وعشرات الامور من هذا القبيل هي مجموعة من الخطوات في سبيل "أندلسة" العراق وشباب هذا البلد.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
فرید خیرالله
2020-01-20
الا ان حزب الله هم الغا لبون الهم اجعل وحدته فی قلوب المسلمین
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك