المقالات

الشَّعائِر.. رُؤيَةٌ فِي الجَدَليَّةِ (٧)


نـــــــــــزار حيدر


لقد كانت دماء وتضحيات الأَحرار في إِنتفاضة صفر الظَّافرة عام ١٩٧٧ سبباً عظيماً من أَسباب حماية شيئَين عند العراقيِّين؛
الأَوَّل؛ هو جَذوة التحدِّي وروح المُواجهة للنِّظام الديكتاتوري الإِستبدادي، وبالتَّالي من عوامل إِسقاط المشروع التَّغريبي الذي جاءَ بهِ [حزب البعث العربي الإِشتراكي] بزعامة الصَّليبي العِلماني المُغترب مَيشيل عفلق، للبلادِ العربيَّة وتحديداً لبلادِ الرَّافدين.
لقد مرَّ على العراق مشرُوعان خطيران الأَوَّل هو المشروع الإِلحادي الذي قادهُ وعمِل عليهِ الحزب الشِّيوعي، خاصَّةً في الفترة التي سيطر بها على الشَّارع تحت عَباءة إِنقلاب [١٤ تموز عام ١٩٥٨] والثَّاني هو المشروع التَّغريبي الذي قادهُ البعثيُّون خاصَّةً بعد سيطرتهِم على السُّلطة في إِنقلاب [١٧ تمُّوز ١٩٦٨].
ولقد واجهَ المشرُوعان الدِّين وعقائد النَّاس بشكلٍ مُباشر، من خلالِ الشِّعارات والثَّقافات والسِّياسات والمنهجيَّات، إِلَّا أَنَّهما، وفي نفسِ الوقت، فشلا فشلاً ذريعاً لأَسباب عدَّة، منها وعلى رأسها تصدِّي المرجعيَّة الدينيَّة للمشروع الأَوَّل سواء بالفتوى التي صدرت عن المرجعِ الأَعلى وقتها وزعيم الطَّائفة الإِمام السيِّد مُحسن الحكيم وعن بقيَّة المراجع في النَّجف الأَشرف وكربلاء المقدَّسة، أَو بالتصدِّي الفكري والثَّقافي الذي أَسقط المشروع بالتَّحليل التَّاريخي والعِلمي المَنطقي كما فعلَ ذلك المفكِّر الإِسلامي والفيلسوف الكبير الشَّهيد السيِّد محمَّد باقر الصَّدر، وتحديداً من خلالِ سِفرَيهِ الخالدَينِ [فلسفتُنا] و [إِقتصادُنا].
أَمَّا المشرُوع التَّغريبي الذي قادهُ [حزب البعث] فقد تمثَّلت صُور مواجهتهُ بعدَّة أَشكال، منها وعلى رأسها التصدِّي الجِهادي الذي تمثَّل بالإِنتقاضات الشعبيَّة والثَّورات الجماهيريَّة التي لم تهدأ طِوال [٣٥] عاماً من سلطتهِم، فضلاً عن التصدِّي الفكري والحركي الذي قادتهُ فصائِل الحركة الإِسلاميَّة بمختلفِ أَسمائِها ومسمَّياتِها.
لقد فضحت إِنتفاضة صفر المُظفَّرة النِّظام وعرَّت مشروعهُ التَّغريبي العِلماني المُخادع.
إِنَّها هزَّت حتَّى البعثيِّين أَنفسهم، ولقد بانَ ذلك في تمرُّد قيادات رفيعة المُستوى على قرارات الإِعدام والسِّجن التي صدرت ضدَّ عددٍ كبيرٍ من المُنتفضين، من الذين رفضُوا أَن يكونُوا أَداةً لتمريرِ القرارات الجائرة.
كما اتَّضح ذلك بعد عامَين وتحديداً في تمُّوز عام ١٩٧٩، عندما تمرَّدت العشرات من القِيادات الحزبيَّة التي سُمِّيت وقتها [يساريَّة] على قيادة الطَّاغية الذَّليل صدَّام حسين للدَّولة والحزبِ الحاكم، والذي بادرَ إِلى تصفيتها قتلاً وتمثيلاً ليخلو لهُ الجَو.
الثَّاني؛ هي أَنَّ تلك التَّضحيات حمت الشَّعائر الحُسينيَّة من حِراب النِّظام الجائر.
لقد أَراد النِّظام أَن يقضي على أَيِّ أَثرٍ من هذهِ الشَّعائر، فكان يُطارد المجالس الحسينيَّة التي يقيمُها النَّاس في البيُوت، وكان قد منعَ الزِّيارات والمواكب والرَّايات وكلُّ ما يمتُّ إِلى الحُسين السِّبط (ع) وعاشوراء بصلةٍ.
كانت فرائصهُ ترتعد خوفاً ورُعباً من إِسم الحُسين السِّبط(ع)، لأَنَّ كلَّ حرفٍ من إِسمهِ بمثابة ثَورة تجرف عرُوش وسيل مُقاوم يقضي على ديكتاتوريَّات.
إِنَّهُ أَراد أَن يقضي على الحُسين السِّبط (ع)، فمَن الذي قضى على مَن في نهايةِ المطاف؟!.
لا تتسرَّع بالإِجابة، فقط جُل بناظِرَيك على كلِّ شبرٍ من أَرض العراق الطَّاهرة، لتحصلَ على الجواب الوافي الشَّافي.
ففي أَعوام النِّصف الثَّاني من سبعينيَّات القرن الماضي كان عدد الزوَّار المُشاة إِلى كربلاء في الأَربعين لا يتعدَّى عدد أَصابع اليدَين، خائفينَ مرعوبينَ هاربينَ من عيونِ أَزلامِ النِّظامِ، يقطعُون الطَّريق عبر الطُّرقات الطينيَّة بينَ بساتين النَّخيل.
أَمَّا اليوم فالملايين يسيرُون سنويّاً إِلى كربلاء في الأَربعين حيث مثوى السِّبط الشَّهيد سيِّد الشُّهداء الإِمام الحُسين بن علي (ع) من أَكثر من [١٠٠] دَولة حولَ العالَم، من دونِ أَن يخشَون شيئاً وكلُّ ذلك من بركات دمِ السِّبط (ع) وأَهل بيتهِ وأَصحابهِ وأَنصارهِ الذين ضحَّوا بالغالي والنَّفيس في إِنتقاضة صفر عام ١٩٧٧ لحمايةِ الشَّعائر الحُسينيَّة ولسانُ حالهِم [إِن كانَ لمْ يُجِبكَ بدنِي عِندَ استغاثَتِكَ ولِسانِي عِند استنصارِكَ، فقد أَجابَكَ قَلبِي وَسمعِي وبَصرِي].
*يتبع..
١٩ تشرِينُ الأَوَّل ٢٠١٩

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك