المقالات

التخطيط الحسيني لتغيير اخلاقية الهزيمة في المجتمع الاسلامي

1893 2019-09-07

ماجد الشويلي

 

السيد محمد باقر الصدر (رض)

موت الارادة

المشهد الثالث: موقف زعماء البصرة

الإمام الحسين يكتب إلى ستّة من زعماء البصرة يختارهم من اُولئك الذين لهم ارتباطات مع خطّ الإمام عليّ عليه السلام فإنّ زعماء البصرة على قسمين: زعماء مرتبطون مع خطّ بني اُميّة وخطّ عائشة وطلحة والزبير، وزعماء يرتبطون مع خطّ الإمام عليّ ومدرسته، فيختار الإمام الشهيد ستة من الاشخاص الذين يرتبطون بمدرسة الإمام عليّ ويشعرون بالولاء لمفاهيم هذه المدرسة وشعاراتها وأهدافها، ويكتب اليهم يستنصرهم ويستصرخهم ويشعرهم بالخطر الدائم الذي تواجهه الاُمّة الإسلامية ممثّلاً في كسرويّة وقيصرية يزيد بن معاوية، فماذا يكون ردّ الفعل لهذه الرسالة؟ يكون رد الفعل ـ إذا استثنينا شخصاً واحداً وهو عبد الله بن مسعود النهشلي الذي كتب مستجيباً ـ هو البرود المطلق، أو الخيانة، إذ يبعث أحدهم برسول الحسين إلى عبيد الله بن زياد وكان وقتئذٍ والياً على البصرة (صدّقوا: أنّ هذا الشخص الذي قام بهذا العمل هو من شيعة عليّ بن أبي طالب، ولم يكن عثمانياً، بل كان علويّاً، ولكنّه علوي فقد كلّ مضمونه، فقد كلّ فقد كل مضمونه، فقد كل معناه، فقد كلّ إرادته) أخذ الرسول مع الرسالة إلى عبيد الله بن زياد لكن لا حبّاً لعبيد الله بن زياد، ولا إيماناً بخطّ عبيد الله بن زياد، بل حفاظاً على نفسه، وإبتعاداً بنفسه عن أقلّ مواطن الخطر، خشية أن يطّلع في يومٍ ما عبيد الله بن زياد على أنّ ابن رسول الله كتب إليه يستصرخه وهو لم يكشف هذه الورقة للسلطة الحاكمة وقتئذٍ، فيُتّخذ هذا نقطة ضعف عليه، فلكي يبتعد عن أقلّ نقاط الضعف، ولكي يوفّر له كلّ عوامل السلامة، وكلّ ضمانات البقاء الذليل أخذ رسول الإمام والرسالة وقدّمهما بين يدي عبيد الله بن زياد، فأمر عبيد الله بن زياد بالرسول فقتل (رضوان الله عليه).

شخص آخر من هؤلاء الزعماء الأحنف بن قيس الذي عاش مع خطّ جهاد الإمام علي وعاش مع حياة الإمام عليّ عن قرب، وتربّى على يديه، ماذا كان جوابه لابن الإمام عليّ؟ أمره بالتصبّر والتريّث وقال له في رسالة أجاب بها على رسالته: ولا يستخفنّك الذين لا يوقنون معرّضاً بالطلبات التي كان الإمام الحسين عليه الصلاة والسلام يتلقّاها من شيعته. وفي الواقع كانت رسالة الأحنف تعبّر عن أخلاقية الاُمّة المهزومة، فإنّ الاُمّة في حالة تعرّضها للهزيمة النفسية، وفي حالة فقدانها لإرادتها وعدم شعورها بوجودها كاُمّة تنشأ لديها بالتدريج أخلاقية معيّنة هي أخلاقية هذه الهزيمة. وأخلاقية هذه الهزيمة تصبح قوّة كبيرة جدّاً بيد صانعي هذه الهزيمة لإبقاء هذه الهزيمة وإمرارها، وتعميقها وتوسيعها، ويصبح العمل الشجاع تهوراً والتفكير في شؤون المسلمين استعجالاً، ويصبح الاهتمام بما يقع على الإسلام والمسلمين من مصائب وكوارث نوعاً من الخفّة، واللاتعقّل، نوعاً من العجلة وقلة الأناة، نوعاً من التسرّع في العمل أو التفكير.

 

هذه الأخلاقية هي أخلاقية الهزيمة التي تصطنعها الاُمّة لكي تبرّر هذه الهزيمة حينما تُهزم وتشعر بأنّها قد انتهت مقاومتها، فتنسج بالتدريج مفاهيم غير مفاهيمها الاُولى، وقيماً وأهدافاً ومُثُلاً غير القيم والمثل والأهداف التي كانت تتبنّاها في الأوّل، لكي تبرّر أخلاقياً ومنطقياً وفكرياً الموقف الذي تقفه.

فالإمام الحسين عليه الصلاة والسلام كان يريد ـ في الواقع ـ أن يبدّل هذه الأخلاقية، ويصنع أخلاقية جديدة لهذه الاُمّة تنسجم مع القدرة على التحرّك، والارادة حينما كان يقول: "لا أرى... والحياة مع الظالمين إلاّ برماً" لم يكن هذا مجرّد شكوى، وإنّما كان عمليّة تغيير لأجل إيجاد أو ـ في الواقع ـ إرجاع هذه الأخلاقية الاُخرى التي فقدها الأحنف بن قيس، وفقدها كل الناس الذين مشوا مع الأحنف بن قيس.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك