المقالات

رؤية واقعية لقصة الانشطارات السياسية..!


طيب العراقي

 

واقع الحال يشير بوضوح الى ان الانقسامات السياسية تجري على قدم وساق،  ولم يستثنىمنها اي طرف من الأطراف ، ذلك لان  الانشطار او الانقسام  السياسي؛  ظاهرة اصطفافية صحية في الوسط السياسي،  ولكنها مسألة حتمية في العراق،  حيث تجري تحولات كبيرة، وصراع سياسي حاد.

في العراق؛ يتصف الفعل السياسي عادة بالسخونة والشدة، لأن تجربته فتية فضلا عن أنه يفتقر لتقاليد ديمقراطية عريقة،  وهي تجربة ليست كافية؛ لأن يشيّد فيه نظام تعددي مؤسساتي  حديث الولادة، يراد منه بناء دولة العدالة والديمقراطية.

في مثل هذه الظروف،  تكون الانشطارات والانقسامات، عملية تطهيرية ضرورية، تنقي العمل السياسي من مظاهر التطرف والعنف والتخبط.

تشتد الانقسامات في زمن التحولات الحتمية، حيث تعجز بعض الاحزاب والتيارات السياسية، عن مسايرة التحولات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وذلك لافتقارها للعمل المؤسساتي والعلاقات العامة، وعدم قدرتها على التخطيط والبرمجة، وتنعدم فيها القدرات الادارية والتنظيمية، التي تؤهلها  لجس نبض الشارع، وتقييس ميول الرأي العام .

غالبا ما تحصل الانشقاقات  في البلدان؛ التي  لا تنتظم فيها الاحزاب  بقانون،  وتعاني  حكوماتها من هيمنة الفساد المالي والاداري، وانعدام المعارضة السياسية النزيهة المحترفة، وغياب الشفافية في المؤسسات الحكومية، وغموض عملها وانقطاعها عن الجمهور.

الانشقاقات  السياسية في مثل هذه الاجواء طبيعية،  وهذا حاصل في العراق وتدعمه تأثيرات القوى الخارجيو، وإرتباطات الأحزاب بتنفيذ أجندات تلك القوى، وفي مقدمتها القوات الأمريكية/، التي أنسحبت رسميافي 2011، ولكنها لم تنسحب فعليا، بل دعمت وجودها بمنظومة أتباع واسعة، ومن كل المكونات العراقية.

ينظر بعض المتابعين الى انقسام التيارات السياسية؛ على  انها مؤشر سلبي؛ وقد يصفه بعضهم بالمنحى الخطير في العملية السياسية، ويصح ذلك اذا ما تم  الانشطار السياسي، على أساس الشخصنة والتدافع على المغانم  الحزبية، والتمحور حول الكاريزمات المهيمنة المتسلطة في التنظيم ،والتي يتمركز فيها المال والتأثير الاجتماعي الواسع الطيف.

غالبا ما تنشطر الأحزاب التي  تمتلك مصادر متعددة للتمويل،  وتتعدد فيها الكارزيمات وتتبوأ القيادة فيها، تيارات  تميل الى التنظير، والولع بالاجتهادات الفكرية والعقائدية، وينتظم في قياداتها نخب عديدة، ومن مختلفة الانحدارات الاجتماعية، وكلها تتطلع للقيادة والهيمنة.

 كذلك تتعرض للانشقاق، الاحزاب التي تؤسس على اسس إيديولوجية مقننة محددة، تشترط على أعضاءها التقيد التام؛ بالفكر والالتزام الشديد بالخط الفكري، وهذه الأحزاب معرضة للهزات الانشطارية، لفقدانها المرونة والقدرة الاستيعابية للرؤى والاجتهادات، التي يفرزها الواقع المتجدد والمتغير، وكثير ما تسقط  هذه الاحزاب؛ في الذاتية وعبادة الشخصية وتنتهي بالدكتاتورية.

ثمة أحزاب طبقية؛ تجتزيء من المجتمع  شريحة او طبقة معينة، وتضخ فيها أورام  مصنعة، وتحملها أعباء التغيير وقيادة المجتمع، معتمدين في ذلك على دورها المرحلي، وهذه الاحزاب اسرع من غيرها للانشطارات المتوالية، وتصحب انقساماتها أعمال التسقيط الفكري والأيديولوجي وقد يصل بها الأمر الى الصراع المسلح .

اكثر الأحزاب جريا الى الانقسام هي الأحزاب ألقومية التي تعتمد الاستعلاء القومي ألعنصري والتي تبدأ  نشاطها؛ بتبني  اجندة وطنية، وتحقق بعض الانجازات لصالح الجماهير او هكذا تبدو، ثم ما تلبث ان تنتهي الى دكتاتورية استبداديه بعد ان اكلت كل منجزاتها ألسابقة واقرب الامثلة على ذلك هو حزب ألبعث وغيره من الاحزاب القومية.

تفيد التجربة الماثلة في التجارب ألعالمية ان التغيرات "الثورية"؛ غالبا ما تفرز تيارات وأحزاب تتطفل على الثورة، وكثير ما تكون فوضوية ذات قاعدة رجراجة، تميل الى العنف وتفتقر الى الرزانة والتنظيم والفكر ألمتعمق وهذا حصل في ألعراق بعد القضاء على ألدكتاتورية حيث ظهرت التيارات الارهابية السلفية والقومية والإسلامية ألمتطرفة وجميعها تفتقر للتجربة والحرفية، وتعتمد في عملها السياسي على العنف بكل أشكاله هذه الاحزاب هي الاسرع من غيرها الى الظمور والتشرذم.

يستثنى من تلك  التيارات والاحزاب التنظيمات ألعريقة التي اعتمدت المنظومة الثقافية والقيمية السائدة في مجتمعاتها وبيئته،ا وابتعدت عن الحرث في ارض غير أرضها وفي بيئة غير بيئتها، واتسم عملها التنظيمي والفكري، بالمرونة السياسية والفكرية، وإنتهاج المسار ألوسطي  ولم تعتمد التطرف الديني او السياسي، ولم تتشرنق بالشرنقة الايديولوجية المتشدة.

غالبا ما تكون هذه التيارات بمنأى، الى حد ما، عن الانقسامات الحادة، ولكنها قد تعيد اصطفافها محاكاةً للواقع وتموسقا للمتغيرات.

 مثلما تتساقط الاوراق في الخريف، بعد شيخوختها وذهاب رونقها وموسمها، كذلك تتساقط الاحزاب المرحلية، لأنها ليست قادرة على اعادة اصطفافها ومتبنيايها، وفق السنن المتغيرة؛ ومثل هذه الاحزاب  تنشأ  في الانعطافات  الحادة، التي تبيح العودة الى معالم ما قبل نشوء  الدولة، وتفتقر لقوة التكييف والتجديد.

..............

شكرا 13/8/2019

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك