المقالات

أيصلح رمضان ما أفسده ساسة العراق؟ 


محمد كاظم خضير / كاتب وباحث سياسي 


الصوم عبادة تزكو النفوس بها ، وتتسامى بها الأرواح، ومن سمت روحه وطهرت نفسه لم تأنس بمعصية الله. و هل حب الوطن و صيانة توازناته الهشة إلا ضربا من الإيمان بالله العلي القدير و هل السعي إلى تقويضه و التلاعب بمقومات لحمة أهله و تبديد خيراته و مقدراته إلا ضربا مغايرا من همزات الشيطان، و إنه للعدو المبين.

من خصائص صوم شهر رمضان، بعد الإمساك عن الأكل و الشرب و الرفث إلى الشريك، الكفُّ عما يتنافى مع الصوم من قبيح المقال وكريه الفعال. قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: «إِذَا أَصْبَحَ أَحَدُكُمْ يَوْمًا صَائِمًا فَلَا يَرْفُثْ، وَلَا يَجْهَلْ، فَإِنْ امْرُؤٌ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي صَائِمٌ إِنِّي صَائِمٌ ». و فيما معنى "لا يرفث" أنه لا يتكلم بالفاحش من القول فإن معنى "لا يجهل" أعم من لا يرفث، ومعناه لا يقع في الطيش بقول أو فعل. مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، وقال صلى الله عليه. وآله وسلم "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش (البيهقي)". إن ما ينطبع به المشهد السياسي خلال هذه الأيام الأولى لسيد الشهور، الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى و الفرقان، من رفض الأطراف السياسية - عملا على الأقل – القيام بسعي من أجل التقارب في الله و توحيد نية و عمل الخير للعباد في هذه البلاد، أمر مذموم و موقف مرفوض لفرصة تظل على عظمتها عابرة في جسم الحول و نادرة في سياق حركة الزمن المغلوب على أمره للتنبيه عن الغفلة و الاغترار بمتاع الدنيا من قوة و سلطان و جاه.

كيف لا و بعض الأحزاب السياسية و المنظمات الحقوقية تنفخ غير آبهة بحرمة "الشهر الضيف"، الذي حل في أجواء صيف سياسي ساخن وموجة أسعار مرتفعة و تباين صارخ بين طبقتي الأثرياء المترفين و الفقراء المعدمين، في أبواق الخلافات و تعزف في نشاز على أوتار الحساسيات العرقية و الطائفية و توقظ الفتنة التي بالكاد تغمض عينيها.

في الهند و في أغلب دول الشرقين الآسيويين الأدنى و الأقصى تتناقص عند حلول "أيام البوذية و الهندوسية المقدسة" في معتقداتهم من كل عام وتيرة العداوات و الصراعات و تجف ينابيع الخلافات المزمنة و تتقارب وجهات النظر السياسية محكومة خلال ذلك بتعاليم و توجيهات الهندوسية أو البوذية. و في ظل هذه الأجواء الروحية تنعم الشعوب بتقارب و انسجام يعم معهما الإخاء و التعاون و رعاية المصالح المتبادلة و العامة.

أو ليس الإسلام بكل ما تحمل رسالته الإلهية الخاتمة من نبل المقاصد للإنسان في حياتي الدنيا الفانية و الآخرة الخالدة، هو الأولى بأن يصون للبشر كرامتهم و يفشي بينهم العدل في كل حين و بالأحرى أن يضاعف الجهد خلال شهر رمضان المبارك حتى يتنافس في ذلك المتنافسون وصولا إلى القيادة و تسيير الحكم للصالح العام و دولة العدل و المساواة.

لا يجوز بأي منطق كان أن تفوت الأحزاب السياسية ألعراقية فرصة شهر رمضان المعظم و أن لا تساعد من خلال مسطرة من الأنشطة المفيدة و المكثفة الرامية من بين مساع أخرى إلى تقوية إيمان المنتسبين إليها و غيرهم بـ"الوطنية الحقة" التي تصون البلد و تطالب بالحقوق كاملة و بالعدالة هدفا على الأسس التي تحفظ الاستقرار و تشع و تضمن الأمان. و هي أيضا للأطر الناظمة المطالبة نفسها دون سواها بتأصيل المعتقد منطلقا و مقصدا و تقدير شعائره و القيام بها طاعة على الوجه المطلوب كما هو لزام على قادتها و ذوي الرأي فيها أن يكونوا الأسوة الحسنة في ذلك و المرجع المتبع عند الضرورات...

أو ليسوا هم، بما نصبوا له أنفسهم و خصصوا وقتهم و ضحوا بما يمتلكون في ذلك، بمثابة "أولي الأمر" و محل العقد و الحل و النصح و الإرشاد و التوجيه؟

بلى إنهم بهذا كله - علموا ذلك أم جهلوه - في هذه المكانة التي لا تحتمل الخروج عليها بفعل أو قول لا يلامس الإصلاح و التوجيه و تهدئة النفوس حتى تمخر سفينة مواطنيهم و رعيتهم بأمان عباب يم عصر فريد إلى بر الأمان بعيدا عن جهالة الإذلال و تلاعب النخب التي لا ترعوي بشأن خلق الله أو شعائره

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
فيسبوك