المقالات

القضية الفيلية..حقائق مغيبة..!


طيب العراقي

 

كيف نشأت مشكلة المكون الفيلي، أو ما بات يعرف بالقاموس السياسي بالقضية الفيلية؟ الحقيقة أن القصة تعود الى وجود مجموعات بشرية؛ تعيش متجاورة في ما بات يعرف اليوم بالعراق، حيث تختلف تلك المجموعات  في انتمائاتها الدينية والقومية والمذهبية، عندما ظهرت الدولة العراقية الحديثة، والتي حاولت جمع تلك المجموعات، في كيان سياسي موحد؛ ليس على أساس المشاركة؛ ومنح الجميع حقوقهم وإستحقاقاتهم في الكيان الجديد، بل على أساس سيادة عقلية التغالب، حيث أصبحت بعض الجماعات ألأثنية ومنهم الفيليين؛ اقليات مقارنة بالأغلبية المختلفة عنها، وظهر ذلك بشكل صارخ؛ في نموذج الحكم الذي ساد العراق منذ تأسيس الدولة عام 1921.

الحقائق التأريخية تؤكد؛ انه بعد دخول العرب الى العراق، في النصف الأول من القرن السابع الميلادي، نلاحظ ان الخطاب الاسلامي في البداية؛ لم يعرف الإختلافات الأثنية والعرقية، وتعامل مع التعدديات كأحدى سنن الله في الكون، وباعتبار أن الحكمة من الاختلاف والتعددية؛ في العرق واللغة بين الناس منذ بداية الخليقة، كانت من اجل التكام ، وبناءً على ذلك كان الفيليون في طليعة بناة الدولة الإسلامية، خصوصا أن موطنهم؛ الذي يمتد على شريط طوله أكثر من 900 كيلوكتر، على تخوم جبال زاجروس شرق دجلة، كان ممرا حضاريا لثقافات الشرق مع المنطقة العربية.

هذه الحقائق التأريخية؛ لم تأخذها الحكومات العراقية المتعاقبة، بعد نشوء الدولة العراقية الحديثة، مطلع القرن العشرين في حساباتها، بل حاولت منذ ذلك التاريخ ولحد الآن، صهر المكونات المجتمعية في هوية جديدة، هي الهوية ما أصطلح عليه بالوطنية العراقية، لكن لم يتم وبشكل قطعي؛ إحترام الهويات الفرعية، أو التعاطي معها بإيجابية، وقبول ثقافاتها ولغتها وتقاليدها، بل جرت محاولات محمومة، لإذابة المكونات جميعا في القومية العربية.

الحقيقة أن تجارب البشرية على مر التاريخ، تفصح وبشكل حاسم، أنه لا توجد  قومية واحدة، في أي مكان في العالم، نجحت في تذويب ظاهرة الأقليات والمكونات الدينية أو الاثنية فيها، كما لم تفلح الحكومات مهما كان نوع النظام القائم، في رفع خطر طغيان الأكثرية على المكونات الأخرى.

لقد ثبت إن سياسة طمس الهوية القومية، للشعوب التي تختلف عن الأكثرية، والطبيعة الدكتاتورية للأنظمة السياسية، ليس في العراق وحده، بل في أغلب دول الشرق الأوسط إن لم يكن معظمها، قد أدى إلى إثارة تلك القوميات، لتصبح مشكلة حقيقية تجابهها تلك الدول،مع استمرار حالة القهر والتهميش، التي تعاني منه المكونات وفي مقدمتها المكون الفيلي، الذي تحول الى حقل تجارب للأنظمة العراقية الحاكمة، لتنفيذ سياسات التذويب.

إننا وبعد زوال نظام القهر الصدامي عام 2003، والأجواء السياسية المنفتحة التي تلت ذلك، كنا نأمل أن صفحة تلك السياسات ستطوى الى الأبد، وأن الفيليين وفي أجواء الديمقراطية الواعدة، سينالون حقوقهم وإستحقاقاتهم، وأن الظلم سيرفع عنهم، بيد أن سلوك النظام الجديد مع القضية الفيلية، لم يكن إيجابيا إن لم يكن سلبيا، إذ عمد النظام القائم الى تفتيت عناصر القضية الفيلية، وتحويلها من قضية أمة، الى قضايا إدارية مطلبية بسيطة، الأمر الذي عمق مشاعر المظلومية لدى الفيليين، ودفعهم الى التفكير باللجوء الى الحلول الأممية، وهو أمر مشروع في ظل الإهمال المتعمد، للقائمين على امر العراق الآن.

إننا لا نطلب أكثر من التفاعل الإيجابي مع قضيتنا بشفافية، والعمل المخلص على إحقاق حقوقنا بطريقة عادلة، تستند  إلى العقل والعدل، لتحقيق المشاركة الوطنيةوالسياسية للفيليين، وبما يحقق السلام والتنمية والرخاء لكل العراقيين.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك