عمار العامري
أن الحقيقية التي لا يمكن تجاهلها هي أن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي منذ تأسيسه لم يكن حزبا منظما وفق أيدلوجيات شرقية ولا غربية ولا يؤمن بها أو هو حركة طارئ أوجدتها الظروف الاستثنائية وينتهي دورها بنهائية تلك الظروف وإنما المجلس الأعلى ومن حقيقة اسمه ومتابعة لمواقفه ومبادئه تجده تيارا سياسيا وفكريا ظهر مع التحولات السياسية في العراق والمرتبطة بتداعيات قرار الحكومة الملكية القاضي بنفي علماء الحوزة العلمية باعتبارهم الزعامة الروحية الدينية عام 1926 وعلى أثرها برزت حالة سياسية دينية مناهضة للتدخل الحكومي في شؤون المرجعية الدينية عام 1946 حيث تصدي الإمام محسن الحكيم لدعم توجه سياسي ذات مضامين دينية يتبنى مشروعا وطنيا يقضي بالدفاع عن الحقوق العامة لكافة أبناء الشعب العراقي على مختلف توجهاتهم الدينية والعرقية والفكرية إذ كانت تلك هي البوادر الأولى لوجود للتيار الإسلامي الوطني الذي دعم البرامج النهضوية وفق مبادئ وثوابت واضحة نابعة من حقيقية ومصداقية واعتدال المشروع الإسلامي الوطني حيث كان المجلس الأعلى الإطار الذي تبنت تأسيسه الشخصيات والهيئات السياسية المؤمنة بهذه الأسس والتطلعات وفق ما رسم له منذ منتصف القرن الماضي.فان ظروف تأسيس المجلس الأعلى لم تكن ظروفا طبيعية كما هي الظروف التي مرت على تأسيس جميع الأحزاب العراقية وإنما جاء نتيجة صراع حقيقي بين زمرة الكفر والطغيان من جهة والمؤمنين المجاهدين من أبناء العراق من جهة أخرى حيث لا يمكن لأي متابع أن ينصف كون المنفى عرين لتأسيسه وحقيقة ذلك أن أعداء العراق قد تركوا أثار عداءهم حتى على تراب وطيور وماء العراق ومنذ تلك اللحظات كانت زعيم المجلس الأعلى السيد محمد باقر الحكيم السباق لجمع كافة المتطلعين لتوحيد الصف الوطني الإسلامي العراقي في أطار واحد لإنضاج الآراء والأفكار وتوحيد المواقف والثوابت والخروج بالعراق مع عنق الزجاجة حيث الوطن أصبح ضيعة للقتل والإرهاب والظلم والاستغلال وكانت للمجلس الأعلى الدور الكبير في إظهار ونقل الحقائق الواقعة في داخل الوطن للرأي العام العالمي حيث كانت لقيادة المجلس الأعلى الحركة الواضحة في أروقة الأمم المتحدة والدول العربية والإقليمية الساندة لقضيته المصرية طيلة سنوات الجهاد والهجرة.فليس من الإنصاف أن يتهم المجلس الأعلى بأنه يحاول شق الصف الشيعي أو الوطني أو يحاول تأخير تشكيل الحكومة العراقية لمصالح شخصية أو حزبية فان قيادة المجلس الأعلى تتميز بامتلاكها الولاء والطاعة الحقيقية من قبل أبناء الشعب العراقي والتي لم يجنيها أي طرف سياسي والحقيقة أن المجلس الأعلى قدم من تنازلات من اجل المصالح الوطنية والدينية ما لم يقبل على تقديمها أي طرف أخر فان جهوده تركزت ومنذ اللحظات الأولى للتغيير في العراق بالدفاع عن كافة أبناءه حيث المطالبة بكتابة الدستور بأيادي عراقية والدعوة للتأسيس نظام سياسي يتوافق مع التنوع العام الذي يميز العراق حتى تشكيل الائتلاف العراقي الموحد وإبرام الاتفاق الرباعي بين القوى السياسية والتنازل مرشحه عادل عبد المهدي لطلب إبراهيم الجعفري حينما لم يلقى الأخير الإجماع الوطني وقبول فكرة أبقاء رئاسة الحكومة لدى حزب الدعوة وجهود السيد عبد العزيز الحكيم جلية في الإصرار على توحيد الصف الوطني العراقي في الائتلاف الوطني العراقي وتأكيد السيد عمار الحكيم على البقاء في التحالف الوطني لرؤيته في عدم تمزيق القوائم السياسية لان حكومة الشراكة الوطنية هي المبتغى التي يسعى المجلس الأعلى جاهدا لتحقيقها لإيمانه بأنها السفينة التي تنقذ العراق والمنطقة والنابعة من مبادئه وثوابته الوطنية والتي دائما ما يؤكد عليها.
https://telegram.me/buratha