وليد المشرفاوي
لا شك إن كثيرا من الأولياء وأصحاب النظر والعقول السليمة المتنورة تتألم نفوسها وتحزن عندما ترتكب خطأ أو تزل قدمها عن جادة الحق والصواب لأنها تعتقد بفطرتها الطيبة ما ألهمت من هدى عن طريق الوحي الرباني أو الحديث السري مع النفس والذات أنها تستحق ما يقع عليها من عقاب مفروض إلهيا أو وضعيا ليتم لديها حالة من الرضا والطمأنينة لأنها عاقبت نفسها الأمارة بالسوء دائما ولكي لا تكرر الخطأ وتلدغ من جحر مرتين .وكثيرة هي القصص والروايات التي تحدثت عن هكذا مواقف ومحطات ولعل أوضحها وأقربها ألينا حال ذلك القائد العسكري المتقدم أثناء الفتوحات الإسلامية الأولى إلى أذربيجان وكيف انه اغتر من انتصاراته السابقة في عدة مواقع رغم انه كان يخطط ويسهر الليل من اجلها وبذل جهدا فكريا في التخطيط لها ويعتمد استشارة معاونيه وقادته وحتى جنده ثم يتوكل على الله تعالى قبل أن يقدم على أي عمل عسكري فاتح , وطال عليه الأمد نسبيا بالانتصارات إلى أن ركبه الغرور والهوى فتقدم غازيا غير مبال بإتباع أسس وأسباب النصر وترك خلفه هذه الأمور من الحاجات والاحتياجات وتقدم إلى إحدى المحاور وهو زاهد بالأمر معتمدا على قوته وقدرته على الأعداء غير حاسب عدتهم وتغير أحوالهم وما يملكون من مكر جديد , وعند اللقاء بين الجيوش وبدء المنازلة كانت الأمور تميل إلى صالح العدو رويدا رويدا وما هي إلا ساعة وجيوش القائد المغرور تنكفئ متقهقرة إلى الخلف مذعورة تلبس ثوب الخيبة والانكسار ويرجع من حيث أتى مخلفا قتلاه وجنده بحالة فوضوية مقطعة شذر مذر, وعندها وضع يده على جبهته صارخا مولولا ولكن لات حين مندم . تلك صورة كثيرا ما تقع في التاريخ وفي حياة القادة والأمم والشعوب وذكرها ليس من اجل الترف الفكري أو التسلي القصصي بل يجب أن تكون هذه عبرة ودرس ومحطة تذكر ومراجعة للذات وخصوصا لدينا كثيرا ما ينطبق من صورها علينا ونحن الذين حاربنا الأعداء طوال حياتنا وخبرنا الحياة والتاريخ وأنواع الظلم وخسة الأعداء وإنهم إن تمكنوا منا لم يرحمونا فهم ذئاب مفترسة قد أصابها الكلب بعد أن استمرأت دم الإنسان ولحمه فتجاوزت الحدود عليه بكل فظاعة مروعة . نكتب هذا وتعاليمنا الإسلامية ونهجنا الأصيل في الحياة يبين إن من استبد برأيه هلك وعليه أن يفكر بعمق ويستشير الآخرين في الصغيرة والكبيرة من أهله وذويه وأصحابه وشركاءه في السراء والضراء والمصير الواحد لكي يشارك الآخرين عقولهم ويبتعد عن الأساليب الديكتاتورية التي هي خطر فاضح وخلاف لمدعيات الوطنية والتحرر, كما يجب عليه الحذر من التمدد على حساب الآخرين أو تقزيمهم سواء كانوا أفرادا أو قطاعات عامة في الساحة السياسية العراقية وعليه أيضا أن لا ينظر إلى مصلحته الخاصة أو حزبه وجماعته وأتباعه بل عليه صادقا أن يضع مصلحة الشعب والوطن والمذهب في أولويات برامجه , كما عليه أن يتعمق وينظر إلى ما يخلفه عمله الانفرادي على الآخرين ومن المخلصين خاصة من أذى وحرق الأعصاب وخصوصا من أتباع أهل البيت (ع) الذين عانوا الأمرين وخاصة في القرن الأخير وفي العراق الجريح . عليه قبل أن يفرح في أي انجاز حققه في مسيرته أن يضع أمامه جميع التضحيات العظام التي قدمت على طريق الحق والإيمان من جحافل هذا الشعب المظلوم وبالخصوص من أتباع هذا المذهب العظيم مذهب جعفر بن محمد الصادق(ع) . وعليه أن يحسب ألف حساب لكل موقف خاطئ ارتكبه أو كرر ارتكابه في عالم المعارضة والحكم والجهاد , كما عليه أن يكون رياضي القلب واسع الاستيعاب والتحمل يعترف بأخطائه وممارساته ويجلد ذاته وذات أولئك المقربين منه الجالسين للمكاسب والعناوين والأموال الذين خبر الناس الكثير منهم وبأنهم لا يصلحون لتلك المواقع لأنهم ليسوا أهل مصيبة أو فداء أو محنة . نعم , قد يقال عنهم أنهم كانوا في القافلة لكن لا يعلم احد موقعهم عند النزالات الكبرى والفداء العظيم الذي أعطاه الشعب على طريق حريته وكرامته واستقلاله وحماية مقدساته وخلود شعائره , ونسال ونقول في أي معارضة من العالم وفي العراق خصوصا أن يعطي أكثر من (10) من المراجع العظام شهداء من اجل الكرامة والخلاص من حزب البعث العفلقي , إضافة إلى دماء شعبنا المكلوم جميعا , لا يقدر ذلك ولا يعرفه إلا من به ألم حيث لا يؤلم الجرح إلا من يكابده , كما أن على الجميع في هذه الأجواء المشحونة , والترقب المريب إلى ما ستنتهي إليه الأمور , مراجعة الذات والوقوف على صخرة الوحدة الصلدة ونبذ الهوى والتحزبات والخطوط جانبا وتقديم مصلحة الأمة والمذهب على كل مصلحة والابتعاد عن الجدل الفارغ والمماحكات المملة التي لا تجدي إلا الخسران وتهديم البيت الإسلامي من الداخل لا سامح الله تعالى .
https://telegram.me/buratha