المقالات

مع وزير النقل في مطار بغداد و( ليرة غــّــوار ) التي هـّـزت الوزير ...

1091 10:31:00 2010-10-26

...بقلم : حيدر الاسدي

بعد أن أودعت إبنتي عند الإمام أمير المؤمنين ع في وادي السلام ليلة عيد الفطر 2009 م مكثت بعدها عدة أيام و عدت الى الدنمارك و لكن من دون ( فلذة كبدي ) و طوال هذه المدة كنت ا ُفكر بأي جواب سأرد على تساؤلات أبنائها كوثر ( 7 ) أعوام ، و حسنين ( 9 ) أعوام ، و زينب ( 11 ) عاما ً .وهم سادة لأن والدهم من السادة الحسينية.و حجزت التذكرة من مطار بغداد الى إستوكهولم في السويد ومنها الى كوبنهاكن في الدنمارك . في موقف سيارات المسافرين في مطار بغداد المشؤوم تراكض أصحاب العربات لحمل حقائب المسافرين الى صالة الإنتظار . فسألت أحدهم : هل إن إسمك حسين ( بكسر السين ) وهي لغة أهلنا الطيبين في محافظة ميسان ( العمارة الأصيلة ) ؟و يشهد الله أني لم أكن أنبز بها بل هي ( لحاجة في نفس يعقوب ) .فقال نعم إني من أهل العمارة بالأصل و أسكن حاليا ً في مدينة الصدر ( الثورة سابقا ً ) . و سبب سؤالي هو : التيقن بنفسي كي لا أحكم بالسماع عن أبناء الشهداء و المعدومين و المعدمين من أبناء عراقنا الجريح الصابر الذين يحلمون في حياة حّـرة كريمة و إذا بهم تحت رحمة من لا يخاف الله .. فأصبحت أكثر فضولا ً فقلت له :كم يكون رزقك في هذا العمل ؟ فقال : هنا متعهد يأخذ من كل عامل ( 30000 ) دينار عراقي شهريا ً وهو لا يهمه كم يحصل العمل عسى أن يكون دخله دينار أو مليون .و للعلم ( ربما يتفق أن يغلق المطار في وجه الرحلات لسوء الأحوال الجوية فتضاف مأساة الى مأساة العاملين المساكين الذين يقضون الساعات الطويلة تحت رحمة الشمس ) .دخلت صالة المطار و سلمت التذكرة للموظف المختص . وفي الأثناء حدثت ضجة في الصالة فنظرت الى مسافر من إخواننا الأكراد مع زوجته ( المتوجهان الى إستوكهولم في السويد )، وهما يتوسلان برجل في أمن المطار أن يترك الأمر .رأيت من بجانبي يتـذمّر فسألته فقال :أعطى هذا المسافر لصاحب العربة ألف دينار فصارت كارثة بعد أن رآه أمن المطار .فصرخت بأعلى صوتي و أنا أضحك وكما يقال ( شرّ البلية ما يضُحك ) :مسكين هذا العامل أصبح ألف ديناره مثل ( ليرة غوار ) وهي الوحيدة التي كشفها الجهاز و لم يكشف الملايين التي يسرقها بعض المسؤلين يوميا ً.فغمز لي بعضهم أن ألتفت الى الوراء فرأيت رجالا ً يرتدون النظارات السوداء و كأنهم في فلم رعب و وسطهم رجل أقصر منهم فسألت عنه ؟ فقيل لي أنه وزير النقل السيد محمد عبد الجبار .إستدعى الوزير المسافر و سأله : لماذا أعطيت هذا العامل نحن لا نسمح بالرشوة ؟. و لم أتحّمـل سماع هذه المهزلة حيث كان من المفترض أن يُحاسب ( سعادة السيد المتعهد ) الذي يمتص دماء الفقراء بكل هدوء و لا من محاسب إلا ّ الله الذي أصبح البعض من تجار و مقاولين في العراق لا يخافونه . فيستوردوا بضاعة فاسدة كاسدة في الأسواق الأجنبية ليتم من خلالها الحصول على الربح الفاحش و المهم هو الإثراء على حساب الفقراء و المعدمين .!و لست متجنيا ً أو متقـــّولا ً بل هذا ما كشفته وسائل الإعلام العراقية النزيهة ( و اؤكد النزيهة و ليست القنوات العفلقية البعثية القذرة ) . و قسم وقفت عليه بنفسي .و هنا أسرعت الى السيد الوزير و سلمت عليه فمد ّ يده و صافحني ورحّب بي . فبادرته بالقول قبل أن يسألني و أنا أنظر الى الجلاوزة من حمايته و نظراتهم الشزرة تكاد تخطفني و تمسح بي ّ الأرض لأني كنت قاسيا ً في إختيار الكلمات .ولم أكن لأستغل الحريّة و اللامبالاة أو لعل البعض يحلو له أن يقول ( من أمن العقوبة أساء الأدب ) .و لكن مرارة ما جرى عليّ في مطار بغداد المشؤم أنستني كل شئ و أقولها بصراحة : لعلي فقدت إتزاني و أنا أسمع بالمفارقة العجيبة بين التقصير المتعمد لحقوق الفقراء و المظلومين ، و بين تخمة أبناء الرفاق و المقاولين الذين أعماهم شره المال و لا يهم مصدره أن يكون من السحت أو من موارد الحرام الاخرى فالمهم هو الثراء . و للحقيقة أقول أن الرجل كان مؤدبا ً و رحبّ بي فقلت له :سيادة الوزير أرى الحكومة تحاسب عامل فقير يريد أن يعيش بكرامة و من ورائه عائلته على ألف دينار ؟و لا تحاسب المتعهد المتخم أو من يسرقون الملايين من قوت الشعب العراقي ؟سيادة الوزير : إنني جئت قبل أيام بإبنتي التي صارعت ( مرض السرطان لأكثر من سنة ) و توفيت في الدنمارك عن طريق مطار بغداد و الغريب أن المطار لم يتمكن من نصب ثلاجة للموتى في المطار ؟ثم لتعلم سيادة الوزير أن خمسة جثامين في أواخر شهر رمضان خرجت من الدنمارك فقط الى العراق عن طريق مطار بغداد !و ليسمح لي سيادة الوزير بـأن أقول :نحن نعرف أن لا قيمة للإنسان في العراق و لا حرمة لدمه ؟ فهل أصبح العراقي الذي يموت في المهجر لا قيمة له أيضا ً ؟ ثم هل أن الحكومة عاجزة عن توفير ثلاجة للموتى في المطار ؟و ليكن حال الثلاجة حال سرقات الملايين من أموال الشعب العراقي المسكين ؟ثم ليسمح لي السيد الوزير بالقول :أني و منذ خمسة عشر عاما ً أكتب مدافعا ً عن العراق و بعد هذه الصدمةندمت على ما قمت به وعلى كل حرف كتبته ؟و لو كانت إبنتي إبنـة وزير أو رئيس الوزراء لجاءت بها طائرة خاصة .ثم أن قرارا ً من السيد رئيس الوزراء يقضي بأن تنقل جثامين العراقيين في المهجر على نفقة الحكومة .و هنا لا أريد أن استجدي عطف الحكومة ولو أن النقل مكلف لمن لم يكن له مورد غير المساعدات الإجتماعية .حيث يكلف النقل ما يقرب من ستة آلاف دولار و إن كانت الدوائر في الخارج تساعد ذوي الفقيد .وبعد أن واساني بمصيبتي قال :لا يا أخي سنتابع الموضوع و لتطمئن ولو سمحت بأن تعطينا عنوانك و هذا الكارت الخاص بي .و ناولني الكارت وهنا ضحكت و قلت له :أنا أعرف سيكون كتابنا و كتابكم بين مكتب السيد الوزير و رئيس الوزراء بلا نفع .و أعطيت الإيميل الخاص بي الى الحاشية و كنت على يقين بأن لا فائدة ترجى .و أقولها بكل صدق لأني و من خلال تجربتي مع جثمان إبنتي حيث إتصل أحد الأصدقاء بـ ( نائب في البرلمان العراقي ) و أخبره بحالي و كان النائب تربطني علاقة خاصة . ولم أتصل به لئلا ا ُحرجه . و لكني رأيت أن السيطرات العسكرية لا تهتم لهذه الطلبات وكان يتصل بالسيطرات شخصيا ً. فمن يكون فلان النائب أو فلان الوزير . فالعراقيون يعيشون تحت رحمة بعض الموظفين الذين هم أشرس من وحوش الغابة .كلٌ يريده أن ينهش لحمه .

و هنا تذكرت المغفور له الأديب الحليّ الدكتور باقر سماكة و كأنه يتنبأ بواقع العراق الجريح المرّ الذي يعاني منه شعبنا المظلوم حاليا ً بل و من العهد الملكي الى عصابات البعث المجرم . وكان قد طلب منه في العهد الملكي نظم قصيدة لتوديع رئيس المحاكم في الحلة ( بابل ــ مصطفى الأنكرلي ) و كان الحفل في نادي الموظفين حضره جمع من وجهاء البلد و الإقطاعيين و أصحاب الأملاك من المستفيدين من ذلك العهد ( يعني الحمد لله عندنا السرقة و الحرامية معشعشة من زمان ) فأنشد باقر سماكة قصيدته التي فاجأ بها الحضور مما دعى المتصرف ( المحافظ ) أن يشير الى معاون الأمن بإعتقال الأديب باقر سماكة و حكم عليه بشهر و نصف مع طرده من وظيفته و كانت القصيدة :

تريـدون مني أن أزّف لكم شــعرا * خــذوه إذن مني لحفلكم جمــرالقد فني المخلصون و قــّـلما * نرى أحـدا ً لم يتقن الكيد و المكــراو كم من خؤونٍ بالرشا صار موسراً ً* غنيّا ًومن نهب الضرائب قد أثرىو كم من ا ُناس ٍ همهم نيل ُ مأرب ٍ * قد إتخذوا خبث النفاق لهم جسراقد إنتشـرت هـذي الرذائل بيننا * حثيثا ً فمن يا سادتي يُصلح الأمراو كلكم يا سادتي تعــرفونها * كما قيل رب الــدار في داره أدرىو تنعم من خيرات شعبي عصابة ً * أقليـّـة ، و الشعب منعدم ٌ فقـراو نطلب أن تمسي الكفاءآت عنـدنا * مقاييس عدل ٍ نستفيد بها خـُبرا

و أخيرا ً رحمك الله يا أديبنا الرائع في هذا الوصف الجميل الذي أصبحت الكثير من دوائرنا في العراق الحبيب مصداقا ً له .و أظن أن متصرف الحلة قد أنصفك بالحكم لشهر و نصف و طردك من الوظيفة .إذ لو قرأت قصيدتك هذه حاليا ً لرحمك الإرهابيون ، وتقــّرب بدمك الأقربون .لأنك ستكون في عرفهم مفسدا ً في الأرض لأنك لا تتعاطى الرشوة ولم تكن في قاموس حياتك إذ أنك رجعي حيث تربيّت في بيئة دينية لا تعرف مكانا ً لحزب ٍ أو إنضواء تحت يافطة مصاصي الدماءلأنك تربية ذلك الأب الطاهر العلم في حلة الفيحاء تغمده الله برحمته.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
التعليقات
خليل العاملي
2010-10-31
أخي العزيز.. لا صحة لما يتردد أن الحكومة العراقية تتبرع بمصاريف نقل جثامين الموتى من خارج العراق لدفنها في العراق و يوم أمس كنا مجتمعين مع السفير العراقي في كندا و أكد لنا عدم وجود هذا الشئ على الإطلاق خاصة و أن نقل الجثامين من كندا إلى العراق تكلف 12 ألف دولار للتابوت الواحد
ابو زهراء
2010-10-27
اخي الكريم ان هذه الابراج والتي تحمل الساعة ما هي الا قصور وشقق لامراء آل سعود ولا تظن ان فقراء السعودية يمكنهم السكن فيها وايضا ان الابراح تضيق على البيت الحرام من ناحية الهواء وكذلك هي تلهي الحجاج عن اداء مناسكهم ثم بالله عليك وادعوا الباري تعالى ليوفقك لترى باءم عينك المساكن والازقة والشوارع خلف تلك الابراح ثق ان بيوت الثورة افضل منها واكثر عمرانا وحاول ان تستعلم من الحجاج ان كنت لا تعرف تلك الحقيقة امام النقل في مكة فحتى افريقيا افضل من هذه الناحية لا اشارات مرور ولا تنظيم للسير ب
ابو زهراء
2010-10-26
شهادة لله تعالى... عاائلة اخي كلها غرقت قرب سواحل اليونان الزوجة والولد والبنت. والحمد لله تم انتشال جثة الام وابنها اما البنت فبقيت الى يومنا هذا في قاع البحر طعما للاسماك. راجعت انا واخي السفارة في اثينا وكان وقتها السفير من بيت الخوام. القدر سخر لنا شخص من لندن اتصل بي ليعطيني اسم السفير . وراجعنا السفارة في اليوم التالي وكانوا متعاونين معنا الى اقصى حد من اوراق قانونية وختم التابوت وغيرها من اجراءات ومن ثم رحلنا الجثامين عبر سوريا ثم الى العراق. وكان ذلك عام 97 شهر كانون2
مظلوم
2010-10-26
هل هذا صحيح ان أجور الشحن و دفن الموتى العراقيين المغتربين على نفقة الدولة العراقية؟ الرجاء الأجابة لمن عنده جواب ولكم من الله الأجر والثواب و وطول العمر لكم
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
محمود الراشدي : نبارك لكم هذا العمل الجبار اللذي طال إنتظاره بتنظيف قلب بغداد منطقة البتاويين وشارع السعدون من عصابات ...
الموضوع :
باشراف الوزير ولأول مرة منذ 2003.. اعلان النتائج الاولية لـ"صولة البتاوين" بعد انطلاقها فجرًا
الانسان : لانه الوزارة ملك ابوه، لو حكومة بيها خير كان طردوه ، لكن الحكومة ما تحب تزعل الاكراد ...
الموضوع :
رغم الأحداث الدبلوماسية الكبيرة في العراق.. وزير الخارجية متخلف عن أداء مهامه منذ وفاة زوجته
عمر بلقاضي : يا عيب يا عيبُ من ملكٍ أضحى بلا شَرَفٍ قد أسلمَ القدسَ للصُّ،هيونِ وانبَطَحا بل قامَ يَدفعُ ...
الموضوع :
قصيدة حلَّ الأجل بمناسبة وفاة القرضاوي
ابراهيم الجليحاوي : لعن الله ارهابي داعش وكل من ساندهم ووقف معهم رحم الله شهدائنا الابرار ...
الموضوع :
مشعان الجبوري يكشف عن اسماء مرتكبي مجزرة قاعدة سبايكر بينهم ابن سبعاوي
مصطفى الهادي : كان يا ماكان في قديم العصر والزمان ، وسالف الدهر والأوان، عندما نخرج لزيارة الإمام الحسين عليه ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يكشف عن التعاقد مع شركة امريكية ادعت انها تعمل في مجال النفط والغاز واتضح تعمل في مجال التسليح ولها تعاون مع اسرائيل
ابو صادق : واخیرا طلع راس الجامعه العربيه امبارك للجميع اذا بقت على الجامعه العربيه هواى راح تتحرر غلسطين ...
الموضوع :
أول تعليق للجامعة العربية على قرار وقف إطلاق النار في غزة
ابو صادق : سلام عليكم بلله عليكم خبروني عن منظمة الجامعه العربيه أهي غافله ام نائمه ام ميته لم نكن ...
الموضوع :
استشهاد 3 صحفيين بقصف إسرائيلى على غزة ليرتفع العدد الى 136 صحفيا منذ بدء الحرب
ابو حسنين : في الدول المتقدمه الغربيه الاباحيه والحريه الجنسيه معروفه للجميع لاكن هنالك قانون شديد بحق المتحرش والمعتدي الجنسي ...
الموضوع :
وزير التعليم يعزل عميد كلية الحاسوب جامعة البصرة من الوظيفة
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
فيسبوك